التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ
٦
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ
٧
فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً
٨
وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً
٩
-الانشقاق

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً } المراد بالإنسان الجنس أي يابن آدم. وكذا روى سعيد عن قتادة: ياابن آدم، إن كَدْحَك لضعيف، فمن ٱستطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ولا قوّة إلا بالله. وقيل: هو مُعَيَّن؛ قال مقاتل: يعني الأسود بن عبد الأسد. ويقال: يعني أُبَيَّ بن خَلَف. ويقال: يعني جميع الكفار؛ أيها الكافر إنك كادح. والكدح في كلام العرب: العمل والكسب؛ قال ٱبن مقبل:

وما الدهُر إِلا تارتانِ فمِنهماأَموت وأُخرى أبتغِي العيش أكدح

قال آخر:

ومَضَتْ بشاشةُ كل عيشٍ صالِحٍوبَقِيتُ أَكدح لِلحياةِ وأَنصِب

أي أعمل. وروى الضحاك عن ٱبن عباس: «إِنك كادِح» أي راجع «إِلى ربك كدحاً» أي رجوعاً لا محالة { فَمُلاَقِيهِ } أي مُلاقٍ ربك. وقيل: مُلاقٍ عملك. القتبيّ «إِنك كادح» أي عامل ناصب في معيشتك إلى لقاء ربك. والملاقاة بمعنى اللقاء أي تلقى ربك بعملك. وقيل أي تلاقي كتاب عملك؛ لأن العمل قد ٱنقضى ولهذا قال: « فأما مَنْ أُوتِيِ كِتابه بيمينه».

قوله تعالى: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } وهو المؤمن { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } لا مناقشة فيه. كذا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث "عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حوسب يوم القيامة عُذِّب قالت: فقلت يا رسول الله أليس قد قال الله { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } فقال: ليس ذاكِ الحساب، إنما ذلكِ العَرْضُ، مَنْ نُوقِش الحساب يوم القيامة عذب" أخرجه البخاري ومسلم والترمذيّ. وقال حديث حسن صحيح. { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } أزواجه في الجنة من الحور العين «مسروراً» أي مغتبطاً قرير العين. ويقال إنها نزلت في أبي سلمة بن عبد الأسد، هو أوّل من هاجر من مكة إلى المدينة. وقيل: إلى أهله الذين كانوا له في الدينا، ليخبرهم بخلاصه وسلامته. والأوّل قول قتادة. أي إلى أهله الذين قد أعدّهم الله له في الجنة.