التفاسير

< >
عرض

إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ
١٨
صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ
١٩
-الأعلى

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } قال قتادة وابن زيد: يريد قوله: { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ }. وقالا: تتابعت كتب الله جل ثناؤه ـ كما تسمعون ـ أن الآخرة خير وأبقى من الدنيا. وقال الحسن: «إِنّ هذا لفي الصحف الأُولى» قال: كُتُبِ الله جل ثناؤه كلها. الكلبِيّ: { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } من قوله: «قد أفلح» إلى آخر السورة؛ لحديث أبي ذرّ على ما يأتي. وروى عِكرمة عن ابن عباس: «إِنّ هذا لفي الصحف الأولى» قال: هذه السورة. وقال والضحاك: إن هذا القرآن لفي الصحف الأولى؛ أي الكتب الأولى. { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ } يعني الكتب المنزلة عليهما. ولم يرد أن هذه الألفاظ بعينها في تلك الصحف، وإنما هو على المعنى؛ أي إن معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف. وروى الآجُرّي "من حديث أبي ذرّ قال: قلت يا رسول الله، فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالاً كلُّها: أيها الملك المتسلِّط المُبتلَى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكن بعثتك لتردّ عني دعوة المظلوم، فإني لا أردّها ولو كانت من فم كافر. وكان فيها أمثال: وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، يفكر فيها في صنع الله عز وجل إليه، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب. وعلى العاقل ألا يكون ظاعناً إلا في ثلاث: تزوّد لمعاد، ومَرمَّة لمعاشٍ، ولذة في غير محرم. وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه، مقبلاً على شانه، حافظاً للسانه. ومن عدّ كلامه من عمله قلَّ كلامُه إلاَّ فيما يعينه. قال: قلت يا رسول الله، فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عِبراً كلُّها: عجِبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح! وعجبت لمن أيقن بالقَدَر كيف ينْصَب. وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها! وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم هو لا يعمل قال: قلت يا رسول الله، فهل في أيدينا شيء مما كان في يدي إبراهيم وموسى، مما أنزل الله عليك؟ قال: نعم اقرأ يا أبا ذرّ { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ * بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا * وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ * إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ }" . وذكر الحديث.