التفاسير

< >
عرض

وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ
١٨
وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ
١٩
وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ
٢٠
-الغاشية

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } أي رُفعت عن الأرض بلا عَمَد. وقيل: رفعت، فلا ينالها شيء. { وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } أي كيف نُصبت على الأرض، بحيث لا تزول؛ وذلك أن الأرض لما دُحِيت مادت، فأرساهَا بالجبال. كما قال: { { وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ } [الأنبياء: 31]. { وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } أي بُسطت ومدّت. وقال أنس: صليت خلف عليّ رضي الله عنه، فقرأ «كَيفَ خَلَقْتُ» و«رَفَعْتُ» و«نَصَبْتُ» و«سَطَحْتُ»، بضم التاءات؛ أضاف الضمير إلى الله تعالى. وبه كان يقرأ محمد بن السَّميْقَع وأبو العالية؛ والمفعول محذوف، والمعنى خلقتها. وكذلك سائرها. وقرأ الحسن وأبو حَيْوة وأبو رجاء: «سُطِّحَتْ» بتشديد الطاء وإسكان التاء. وكذلك قرأ الجماعة، إلا أنهم خففوا الطاء. وقدّم الإبل في الذكر، ولو قدّم غيرها لجاز. قال القشيريّ: وليس هذا مما يطلب فيه نوع حكمة. وقد قيل: هو أقرب إلى الناس في حق العرب، لكثرتها عندهم، وهم من أعرف الناس بها. وأيضاً: مَرافق الإبل أكثر من مرافق الحيوانات الأُخَر؛ فهي مأكولة، ولبنها مشروب، وتصلح للحمل والركوب، وقطع المسافات البعيدة عليها، والصبر على العطش، وقلة العَلَف، وكثرة الحَمْل، وهي مُعْظم أموال العرب. وكانوا يسيرون على الإبل منفردين مستوحشين عن الناس، ومَنْ هذا حاله تفكر فيما يحضره، فقد ينظر في مركوبه، ثم يمد بصره إلى السماء، ثم إلى الأرض. فأُمِروا بالنظر في هذه الأشياء، فإنها أدل دليل على الصانع المختار القادر.