التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ
١٥
وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ
١٦
-الفجر

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ } يعني الكافر. قال ابن عباس: يريد عُتبة بن ربيعة وأبا حذيفة بن المغيرة. وقيل: أُمية بن خلف. وقيل: أبيّ بن خلف. { إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ } أي امتحنه واختبره بالنعمة. و«ما»: زائدة صلة. { فَأَكْرَمَهُ } بالمال. { وَنَعَّمَهُ } بما أوسع عليه. { فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } فيفرح بذلك ولا يحمده. { وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ } أي امتحنه بالفقر واختبره. { فَقَدَرَ } أي ضيق { عَلَيْهِ رِزْقَهُ } على مقدار البُلْغة. { فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ } أي أولاني هوانا. وهذه صفة الكافر الذي لا يؤمن بالبعث: وإنما الكرامة عنده والهوان بكثرة الحظ في الدنيا وقِلته. فأما المؤمن فالكرامة عنده أن يكرمه الله بطاعته وتوفيقه، المؤدّي إلى حظ الآخرة، وإن وسَّع عليه في الدنيا حمِده وشكره.

قلت: الآيتان صفة كل كافر. وكثير من المسلمين يظنّ أن ما أعطاه الله لكرامته وفضيلته عند الله، وربما يقول بجهله: لو لم أستحقَّ هذا لم يعطنيه الله. وكذا إن قَتَّر عليه يظنّ أن ذلك لهوانه على الله. وقراءة العامة «فقَدَر» مخففة الدال. وقرأ ابن عامر مشدّداً، وهما لغتان. والاختيار التخفيف؛ لقوله: { { وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } [الطلاق: 7]. قال أبو عمرو: و«قُدِر» أي قُتِّر. و«قُدّر» مشدّداً: هو أن يعطيه ما يكفيه، ولو فعل به ذلك ما قال «ربّي أهانن». وقرأ أهل الحَرَمين وأبو عمرو «ربّيَ» بفتح الياء في الموضعين. وأسكن الباقون. وأثبت البَزِّي وابن مُحَيصِن ويعقوب الياء من «أكرمنِ»، و«أهاننِ» في الحالين؛ لأنها اسم فلا تحذف. وأثبتها المدنِيون في الوصل دون الوقف، اتباعاً للمصحف. وخير أبو عمرو في إثباتها في الوصل أو حذفها؛ لأنها رأس آية، وحذفها في الوقف لخط المصحف. الباقون بحذفها، لأنها وقعت في الموضعين بغير ياء، والسنة ألا يخالف خط المصحف؛ لأنه إجماع الصحابة.