التفاسير

< >
عرض

فَكُّ رَقَبَةٍ
١٣
-البلد

الجامع لاحكام القرآن

فيه ثلاث مسائل:

الأولى: قوله تعالى: { فَكُّ رَقَبَةٍ } فكها: خلاصها من الأسر. وقيل: من الرّق. وفي الحديث: "وفك الرقبةِ أن تُعِين في ثَمَنها" من حديث البرَاء، وقد تقدم في سورة «براءة». والفكّ: هو حلّ القيد؛ والرِّق قيد. وسمى المرقوق رَقبة؛ لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته. وسُمِّي عنقها فَكًّا كفك الأسير من الأَسْر. قال حسان:

كَمْ من أسيرٍ فَكَكناه بلا ثَمَنٍوجَزّ ناصيةٍ كنا مَوَاليها

وروى عُقبة بن عامر الجهنيّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار" . قال الماوردِيّ: ويحتمِل ثانياً أنه أراد فك رقبته وخلاص نفسه، باجتناب المعاصي، وفعل الطاعات؛ ولا يمتنع الخبر من هذا التأويل، وهو أشبه بالصواب.

الثانية: قوله تعالى: { رَقَبَةٍ } قال أصْبَغُ: الرقبة الكافرة ذات الثمن أفضل في العِتق من الرقبة المؤمنة القليلة الثمن؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم وقد "سُئل أيّ الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمناً، وأنفسها عند أهلها" . ابن العربيّ: «والمراد في هذا الحديث: (من المسلمين)؛ بدليل قوله عليه السلام: "مَنْ أَعْتَقَ امْرأً مسْلماً" و "مَنْ أَعتقَ رقبةً مُوْمِنة" . وما ذكره أصبغ وَهْلَة، وإنما نظر إلى تنقيص المال، والنظر إلى تجريد المعتق للعبادة، وتفريغه للتوحيد، أولى».

الثالثة: العِتق والصدقة من أفضل الأعمال. وعن أبي حنيفة: أن العتق أفضل من الصدقة. وعند صاحبيه الصدقة أفضل. والآية أدل على قول أبي حنيفة؛ لتقديم العتق على الصدقة. وعن الشعبي في رجل عنده فضل نفقة: أيضعه في ذي قرابة أو يعتق رقبة؟ قال: الرقبة أفضل؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من فك رقبة فك الله بكل عضو منها عضواً من النار"