التفاسير

< >
عرض

وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ
٢
ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ
٣
-الشرح

الجامع لاحكام القرآن

قوله تعالى: { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ }، أي حططنا عنك ذنبك. وقرأ أنس «وحللنا، وحَطَطْنَا». وقرأ ابن مسعود: «وحللنا عنك وِقْرك». هذه الآية مثل قوله تعالى: { { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح: 2]. قيل: الجميع كان قبل النبوّة. والوِزْر: الذنب؛ أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية؛ لأنه كان صلى الله عليه وسلم في كثير من مذاهب قومه، وإن لم يكن عبد صنماً ولا وثناً. قال قتادة والحسن والضحاك: كانت للنبيّ صلى الله عليه وسلم ذنوب أثقلته؛ فغفرها الله له. { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } أي أثقله حتى سمع نقيضه؛ أي صوته. وأهل اللغة يقولون: أنْقض الحِمل ظهر الناقة: إذا سمِعت له صريراً من شدة الحمل. وكذلك سمعت نقيضَ الرّحل؛ أي صريره. قال جميل:

وحتى تداعتْ بالنقيض حِبالُهوهَمتْ بَوانِي زَوْرِه أن تَحَطَّمَا

«بَوانِي زورِه»: أي أصول صدره. فالوِزر: الحِمل الثقيل. قال المحاسبِيّ: يعني ثِقل الوِزر لو لم يعف الله عنه. { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } أي أثقله وأوهنه. قال: وإنما وصفت ذنوب الأنبياء بهذا الثقل، مع كونها مغفورة، لشدّة اهتمامهم بها، وندمهم منها، وتحسرهم عليها. وقال السُّدّي: «ووضعنا عنك وزرك» أي وحططنا عنك ثِقلك. وهي في قراءة عبد الله بن مسعود «وحططنا عنك وِقْرك». وقيل: أي حططنا عنك ثقل آثام الجاهلية. قال الحسين بن الفضل: يعني الخطأ والسهو. وقيل: ذنوب أمتك، أضافها إليه لاشتغال قلبه بها. وقال عبد العزيز بن يحيـى وأبو عبيدة: خففنا عنك أعباء النبوّة والقيام بها، حتى لا تثقل عليك. وقيل؛ كان في الابتداء يثقل عليه الوحي، حتى كاد يرمي نفسه من شاهق الجبل، إلى أن جاءه جبريل وأراه نفسه؛ وأزيل عنه ما كان يخاف من تغير العقل. وقيل: عصمناك عن احتمال الوِزر، وحفِظناك قبل النبوّة في الأربعين من الأدناس؛ حتى نزل عليك الوحي وأنت مطهر من الأدناس.