التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ
١
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ
٢
وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ
٣
تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ
٤
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ
٥
-الفيل

انوار التنزيل واسرار التأويل

مكية، وهي خمس آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَـٰبِ ٱلْفِيلِ } الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو وإن لم يشهد تلك الوقعة لكن شاهد آثارها وسمع بالتواتر أخبارها فكأنه رآها، وإنما قال { كَيْفَ } ولم يقل ما لأن المراد تذكير ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله تعالى وقدرته وعزة بيته وشرف رسوله عليه الصلاة والسلام فإنها من الإِرهاصات. إذ روي أنها وقعت في السنة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قصتها أن أبرهة بن الصباح الأشرم ـ ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي ـ بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس، وأراد أن يصرف الحاج إليها، فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلاً فأغضبه ذلك، فحلف ليهدمن الكعبة فخرج بجيشه ومعه فيل قوي اسمه محمود، وفيلة أخرى فلما تهيأ للدخول وعبى جيشه قدم الفيل، وكان كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح، وإذا رجعوه إلى اليمن أو إلى جهة أخرى هرول، فأرسل الله تعالى طيراً مع كل واحد في منقاره حجر وفي رجليه حجران، أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة، فترميهم فيقع الحجر في رأس الرجل فيخرج من دبره فهلكوا جميعاً. وقرىء { أَلَمْ تَرَ } جداً في إظهار أثر الجازم، وكيف نصب بفعل لأبتر لما فيه من معنى الاستفهام.

{ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ } في تعطيل الكعبة وتخريبها. { فِى تَضْلِيلٍ } في تضييع وإبطال بأن دمرهم وعظم شأنها.

{ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } جماعات جمع إبالة وهي الحزمة الكبيرة، شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها. وقيل لا واحد لها كعبابيد وشماطيط.

{ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ } وقرىء بالياء على تذكير الطير لأنه اسم جمع، أو إسناده إلى ضمير ربك. { مِّن سِجّيلٍ } من طين متحجر معرب سنككل وقيل من السجل وهو الدلو الكبير، أو الاسجال وهو الارسال، أو من السجل ومعناه من جملة العذاب المكتوب المدون.

{ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ } كورق زرع وقع فيه، والآكال وهو أن يأكله الدود أو أكل حبه فبقي صفراً منه، أو كتين أكلته الدواب وراثته.

عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة الفيل أعفاه الله أيام حياته من الخسف والمسخ" .