التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ
١
مَلِكِ ٱلنَّاسِ
٢
إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ
٣
مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ
٤
ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ
٥
مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ
٦
-الناس

انوار التنزيل واسرار التأويل

مختلف فيها، وآيها ست آيات

بسم الله الرحمن الرحيم

{ قُلْ أَعُوذُ } وقرىء في السورتين بحذف الهمزة ونقل حركتهما إلى اللام. { بِرَبّ ٱلنَّاسِ } لما كانت الاستعاذة في السورة المتقدمة من المضار البدنية وهي تعم الإِنسان وغيره والاستعاذة في هذه السورة من الأضرار التي تعرض للنفوس البشرية وتخصها، عمم الإِضافة ثمَّ وخصصها بالناس ها هنا فكأنه قيل: أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك أمورهم ويستحق عبادتهم.

{ مَلِكِ ٱلنَّاسِ إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ } عطفاً بيان له فإن الرب قد لا يكون ملكاً والملك قد لا يكون إلهاً، وفي هذا النظم دلالة على أنه حقيق بالإعاذة قادراً عليها غير ممنوع عنها وإشعار على مراتب الناظر في المعارف فإنه يعلم أولاً بما عليه من النعم الظاهرة والباطنة أن له رباً، ثم يتغلل في النظر حتى يتحقق أنه غني عن الكل وذات كل شيء له ومصارف أمره منه، فهو الملك الحق ثم يستدل به على أنه المستحق للعبادة لا غير، ويتدرج وجوه الاستعاذة كما يتدرج في الاستعاذة المعتادة، تنزيلاً لاختلاف الصفات منزلة اختلاف الذات إشعاراً بعظم الآفة المستعاذة منها، وتكرير { ٱلنَّاسِ } لما في الإِظهار من مزيد البيان، والإِشعار بشرف الإِنسان.

{ مِن شَرّ ٱلْوَسْوَاسِ } أي الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة، وأما المصدر فبالكسر كالزلزال، والمراد به الموسوس وسمي بفعله مبالغة. { ٱلْخَنَّاسِ } الذي عادته أن يخنس أي يتأخر إذا ذكر الإِنسان ربه.

{ ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ ٱلنَّاسِ } إذا غفلوا عن ذكر ربهم، وذلك كالقوة الوهمية، فإنها تساعد العقل في المقدمات، فإذا آل الأمر إلى النتيجة خنست وأخذت توسوسه وتشككه، ومحل { ٱلَّذِى } الجر على الصفة أو النصب أو الرفع على الذم.

{ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } بيان لـ { ٱلْوَسْوَاسِ }، أو الذي أو متعلق بـ { يُوَسْوِسُ } أي يوسوس في صدورهم من جهة الجِنَّةَ والناس. وقيل بيان لـ { ٱلنَّاسِ } على أن المراد به ما يعم الثقلين، وفيه تعسف إلا أن يراد به الناسي كقوله تعالى: { يَوْمَ يدعُ ٱلدَّاعِ } [القمر: 6] فإن نسيان حق الله تعالى يعم الثقلين.

عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ المعوذتين فكأنما قرأ الكتب التي أنزلها الله تبارك وتعالى" .