التفاسير

< >
عرض

وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٤
وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ
٥
-الرعد

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَفِى ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَـٰوِرٰتٌ } بعضها طيبة وبعضها سبخة، وبعضها رخوة وبعضها صلبة، وبعضها تصلح للزرع دون الشجر وبعضها بالعكس. ولولا تخصيص قادر موقع لأفعاله على وجه دون وجه لم تكن كذلك، لاشتراك تلك القطع في الطبيعة الأرضية وما يلزمها ويعرض لها بتوسط ما يعرض من الأسباب السماوية، من حيث أنها متضامة متشاركة في النسب والأوضاع. { وَجَنَّـٰتٌ مّنْ أَعْنَـٰبٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ } وبساتين فيها أنواع الأشجار والزروع، وتوحيد الزرع لأنه مصدر في أصله. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وحفص { وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ } بالرفع عطفاً على { وَجَنَّـٰتٌ }. { صِنْوٰنٌ } نخلات أصلها واحد. { وَغَيْرُ صِنْوٰنٍ } متفرقات مختلفات الأصول. وقرأ حفص بالضم وهو لغة بني تميم كـ { قِنْوٰنٌ } في جمع قنو. { تُسْقَى بِمَاء وٰحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلأَكلِ } في التمر شكلاً وقدراً ورائحة وطعماً، وذلك أيضاً مما يدل على الصانع الحكيم، فإن اختلافها مع اتحاد الأصول والأسباب لا يكون إلا بتخصيص قادر مختار. وقرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب «يسقى» بالتذكير على تأويل ما ذكر، وحمزة والكسائي يفضل بالياء ليطابق قوله { يُدَبّرُ ٱلأَمْرَ } { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } يستعملون عقولهم بالتفكر { وَإِن تَعْجَبْ } يا محمد من إنكارهم البعث. { فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } حقيق بأن يتعجب منه فإن من قدر على إنشاء ما قص عليك كانت الإِعادة أيسر شيء عليه، والآيات المعدودة كما هي دالة على وجود المبدأ فهي دالة على إمكان الإِعادة من حيث إنها تدل على كمال علمه وقدرته وقبول المواد لأنواع تصرفاته. { أَءِذَا كُنَّا تُرَاباً أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } بدل من قولهم أو مفعول له، والعامل في إذا محذوف دل عليه: { أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ }. { أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ } لأنهم كفروا بقدرته على البعث. { وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلَـٰلُ فِى أَعْنَـٰقِهِمْ } مقيدون بالضلال لا يرجى خلاصهم أو يغلون يوم القيامة. { وَأُوْلـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } لا ينفكون عنها، وتوسيط الفصل لتخصيص الخلود بالكفار.