التفاسير

< >
عرض

وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
١١٢
-النحل

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً } أي جعلها مثلاً لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفروا، فأنزل الله بهم نقمته، أو لمكة. { كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً } لا يزعج أهلها خوف. { يَأْتِيهَا رِزْقُهَا } أقواتها. { رَغَدًا } واسعاً. { مِّن كُلِّ مَكَانٍ } من نواحيها. { فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ } بنعمه جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدرع وأدرع، أو جمع نعم كبؤس وأبؤس. { فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ } استعار الذوق لإدراك أثر الضرر، واللباس لما غشيهم واشتمل عليهم من الجوع والخوف، وأوقع الإذاقة عليه بالنظر إلى المستعار له كقول كثير:

غمرُ الرِّدَاءِ إِذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكَا غلقَتْ لِضَحْكَتِهِ رِقَابُ المال

فإنه استعار الرداء للمعروف لأنه يصون عرض صاحبه صون الرداء لمَّا يلقى عليه، وأضاف إليه الغمر الذي هو وصف المعروف والنوال لا وصف الرداء نظراً إلى المستعار له، وقد ينظر إلى المستعار كقوله:

يُنَازِعْني رِدَائي عَبْدُ عَمْرو رُوَيْدَكَ يَا أَخَا عَمْرُو بن بَكْرِ
لِي الشَّطرُ الَّذِي مَلَكت يَمِيني وَدُونَكَ فَاعْتَجِرْ مِنْهُ بِشَطْرٍ

استعار الرداء لسيفه ثم قال فاعتجر نظراً إلى المستعار. { بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } بصنيعهم.