التفاسير

< >
عرض

يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ
٢
-النحل

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ يُنَزّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ } بالوحي أو القرآن، فإنه يحيي به القلوب الميتة بالجهل، أو يقوم في الدين مقام الروح في الجسد، وذكره عقيب ذلك إشارة إلى الطريق الذي به علم الرسول صلى الله عليه وسلم ما تحقق موعدهم به ودنوه وإزاحة لاستبعادهم اختصاصه بالعلم به. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو { يُنَزّلٍ } من أنزل، وعن يعقوب مثله وعنه «تنزل» بمعنى تتنزل. وقرأ أبو بكر «تنزل» على المضارع المبني للمفعول من التنزيل. { مِنْ أَمْرِهِ } بأمره أو من أجله. { عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } أن يتخذه رسولاً. { أَنْ أَنْذِرُواْ } بأن أنذروا أي اعلموا من نذرت بكذا إذا علمته. { أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } أن الشأن { لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ فَٱتَّقُونِ }، أو خوفوا أهل الكفر والمعاصي بأنه{ لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ } وقوله { فَٱتَّقُونِ } رجوع إلى مخاطبتهم بما هو المقصود، و { أَن } مفسرة لأن الروح بمعنى الوحي الدال على القول، أو مصدرية في موضع الجر بدلاً من الروح أو النصب بنزع الخافض، أو مخففة من الثقيلة. والآية تدل على أن نزول الوحي بواسطة الملائكة وأن حاصله التنبيه على التوحيد الذي هو منتهى كمال القوة العلمية، والأمر بالتقوى الذي هو أقصى كمال القوة العملية. وأن النبوة عطائية والآيات التي بعدها دليل على وحدانيته من حيث إنها تدل على أنه تعالى هو الموجد لأصول العالم وفروعه على وفق الحكمة والمصلحة، ولو كان له شريك لقدر على ذلك فيلزم التمانع.