{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَـٰقَ بَنِي إِسْراءيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ } إخبار في معنى النهي كقوله تعالى:
{ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ } [البقرة: 282] وهو أبلغ من صريح النهي لما فيه من إيهام أن المنهي سارع إلى الانتهاء فهو يخبر عنه ويعضده قراءة: «لا تعبدوا». وعطف {قُولُواْ } عليه فيكون على إرادة القول. وقيل: تقديره أن لا يعبدوا فلما حذف أن رفع كقوله:> أَلا أَيّهذا الزاجري أَحضُرَ الوَغَى
وأَنْ أشَهدَ اللذاتِ هَلْ أنتَ مُخلِدي
ويدل عليه قراءة: «ألا تعبدوا»، فيكون بدلاً عن الميثاق، أو معمولاً له بحذف الجار. وقيل إنه جواب قسم دل عليه المعنى كأنه قال: وحلفناهم لا يعبدون. وقرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وعاصم ويعقوب بالتاء حكاية لما خوطبوا به، والباقون بالياء لأنهم غيب {وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } تعلق بمضمر تقديره: وتحسنون، أو أحسنوا {وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ } عطف على الوالدين. {وَٱلْيَتَـٰمَىٰ } جمع يتيم كنديم وندامى وهو قليل. ومسكين مفعيل من السكون، كأن الفقر أسكنه {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} أي قولاً حسناً، وسماه {حَسَنًا} للمبالغة. وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب حسناً بفتحتين. وقرىء {حَسَنًا} بضمتين وهو لغة أهل الحجاز، وحسنى على المصدر كبشرى والمراد به ما فيه تخلق وإرشاد {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} يريد بهما ما فرض عليهم في ملتهم {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ} على طريقة الالتفات، ولعل الخطاب مع الموجودين منهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن قبلهم على التغليب، أي أعرضتم عن الميثاق ورفضتموه {إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ } يريد به من أقام اليهودية على وجهها قبل النسخ، ومن أسلم منهم {وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ} قوم عادتكم الإعراض عن الوفاء والطاعة. وأصل الإعراض الذهاب عن المواجهة إلى جهة العرض.