{وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـٰنِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ}. وذلك أن قريشاً لما بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم قالوا: لعن الله اليهود والنصارى لو أتانا رسول لنكونن {أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأمَمِ}، أي من واحدة من الأمم اليهود والنصارى وغيرهم، أو من الأمة التي يقال فيها هي {إِحْدَى ٱلأمَمِ} تفضيلاً لها على غيرها في الهدى والاستقامة. {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ} يعني محمداً عليه الصلاة والسلام. {مَّا زَادَهُمْ} أي النذير أو مجيئه على التسبب. {إِلاَّ نُفُورًا} تباعداً عن الحق.
{ٱسْتِكْبَاراً فِى ٱلأَرْضِ} بدل من نفوراً أو مفعول له. {وَمَكْرَ ٱلسَّيّىء} أصله وإن مكروا المكر السيء فحذف الموصوف استغناء بوصفه، ثم بدل أن مع الفعل بالمصدر، ثم أضيف. وقرأ حمزة وحده بسكون الهمزة في الوصل. {وَلاَ يَحِيقُ} ولا يحيط. {ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} وهو الماكر وقد حاق بهم يوم بدر، وقرىء {وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ} أي ولا يحيق الله. {فَهَلْ يَنظُرُونَ } ينتظرون. {إِلا سُنَّتُ ٱلأَوَّلِينِ} سنة الله فيهم بتعذيب مكذبيهم. {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً } إذ لا يبدلها بجعله غير التعذيب تعذيباً ولا يحولها بأن ينقله من المكذبين إلى غيرهم، وقوله:
{أَوَ لَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} استشهاد علم بما يشاهدونه في مسايرهم إلى الشام واليمن والعراق من آثار الماضين. {وَكَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَىْءٍ} ليسبقه ويفوته. {فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَلاَ فِى ٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً} بالأشياء كلها. {قَدِيراً} عليها.
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ } من المعاصي. {مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا } ظهر الأرض {مِن دَابَّةٍ} من نسمة تدب عليها بشؤم معاصيهم، وقيل المراد بالدابة الإِنس وحده لقوله: {وَلٰكِن يُؤَخِرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ} هو يوم القيامة. {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً} فيجازيهم على أعمالهم.
عن النبي صلى الله عليه وسلم
"من قرأ سورة الملائكة دعته ثمانية أبواب الجنة: أن أدخل من أي باب شئت" .