التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٤٨
مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ
٤٩
فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ
٥٠
وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ
٥١
قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ
٥٢
إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ
٥٣
-يس

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } يعنون وعد البعث.

{ مَا يَنظُرُونَ } ما ينتظرون. { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } هي النفخة الأولى. { تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ } يتخاصمون في متاجرهم ومعاملاتهم لا يخطر ببالهم أمرها كقوله: { أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [يوسف: 107] وأصله يختصمون فسكنت التاء أدغمت ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين، وقرأ أبو بكر بكسر الياء للاتباع، وقرأ ابن كثير وورش وهشام بفتح الخاء على إلقاء حركة التاء إليه، وأبو عمرو وقالون به مع الإِختلاس وعن نافع الفتح فيه والإِسكان والتشديد وكأنه جوز الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني مدغماً، وقرأ حمزة { يَخِصّمُونَ } من خصمه إذا جادله.

{ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } في شيء من أمورهم. { وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } فيروا حالهم بل يموتون حيث تبغتهم.

{ وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } أي مرة ثانية وقد سبق تفسيره في سورة «المؤمنين». { فَإِذَا هُم مّنَ ٱلأَجْدَاثِ } من القبور جمع جدث وقرىء بالفاء. { إِلَىٰ رَبّهِمْ يَنسِلُونَ } يسرعون وقرىء بالضم.

{ قَالُواْ يٰوَيْلَنَا } وقرىء «يا ويلتنا». { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } وقرىء «من أهبنا» من هب من نومه إذا انتبه ومن هبنا بمعنى أهبنا، وفيه ترشيح ورمز وإشعار بأنهم لاختلاط عقولهم يظنون أنهم كانوا نياماً، و { مَن بَعَثَنَا } و «من هبنا» على الجارة والمصدر، وسكت حفص وحده عليها سكتة لطيفة والوقف عليها في سائر القراءات حسن. { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } مبتدأ وخبر و { مَا } مصدرية، أو موصولة محذوفة الراجع، أو { هَـٰذَا } صفة لـ { مَّرْقَدِنَا } و { مَا وَعَدَ } خبر محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف أي { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ }، أو { مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } حق وهو من كلامهم، وقيل جواب للملائكة أو المؤمنين عن سؤالهم، معدول عن سننه تذكيراً لكفرهم وتقريعاً لهم عليه وتنبيهاً بأن الذي يهمهم هو السؤال عن البعث دون الباعث كأنهم قالوا: بعثكم الرحمن الذي وعدكم البعث وأرسل إليكم الرسل فصدقوكم وليس الأمر كما تظنون، فإنه ليس يبعث النائم فيهمكم السؤال عن الباعث وإنما هو البعث الأكبر ذو الأهوال.

{ إِن كَانَتْ } ما كانت الفعلة. { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } هي النفخة الأخيرة، وقرئت بالرفع على كان التامة. { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } بمجرد تلك الصيحة وفي كل ذلك تهوين أمر البعث والحشر واستغناؤهما عن الأسباب التي ينوطان بها فيما يشاهدونه.