{ وَٱذْكُرْ إِسْمَـٰعِيلَ وَٱلْيَسَعَ } هو ابن أخطوب استخلفه إلياس على بني إسرائيل ثم استنبىء، واللام فيه كما في قوله:
رَأَيْتُ الوَلِيدَ بْنَ اليَزِيدَ مُبَارَكاً
وقرأ حمزة والكسائي «ولليسع» تشبيهاً بالمنقول من ليسع من اللسع. { وَذَا ٱلْكِفْلِ } ابن عم يسع أو بشر بن أيوب. واختلف في نبوته ولقبه فقيل فر إليه مائة نبي من بني إسرائيل من القتل فآواهم وكفلهم، وقيل كفل بعمل رجل صالح كان يصلي كل يوم مائة صلاة { وَكُلٌّ } أي وكلهم. { مّنَ ٱلأَخْيَارِ }. { هَـٰذَا } إشارة إلى ما تقدم من أمورهم. { ذُكِرٌ } شرف لهم، أو نوع من الذكر وهو القرآن. ثم شرع في بيان ما أعد لهم ولأمثالهم فقال: { وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ } مرجع.
{ جَنَّـٰتِ عَدْنٍ } عطف بيان { لَحُسْنَ مَـئَابٍ } وهو من الأعلام الغالبة لقوله
{ جَنَّـٰتِ عَدْنٍ ٱلَّتِى وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ } [مريم: 61] وانتصب عنها. { مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } على الحال والعامل فيها ما في المتقين من معنى الفعل، وقرئتا مرفوعتين على الابتداء والخبر أو أنهما خبران لمحذوف. { مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } حالان متعاقبان أو متداخلان من الضمير في لهم لا من المتقين للفصل، والأظهر أن يدعون استئناف لبيان حالهم فيها ومتكئين حال من ضميره، والاقتصار على الفاكهة للإشعار بأن مطاعمهم لمحض التلذذ، فإن التغذي للتحلل ولا تحلل ثمة.
{ وَعِندَهُمْ قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ } لا ينظرون إلى غير أزواجهن. { أَتْرَابٌ } لذات لهم فإن التحاب بين الأقران أثبت، أو بعضهن لبعض لا عجوز فيهن ولا صبية، واشتقاقه من التراب فإنه يمسهن في وقت واحد.
{ هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } لآجاله فإن الحساب علة الوصول إلى الجزاء، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالياء ليوافق ما قبله.
{ إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } انقطاع.
{ هَـٰذَا } أي الأمر هذا أو هذا كما ذكر أو خذ هذا. { وَإِنَّ لِلطَّـٰغِينَ لَشَرَّ مَئَابٍ }.
{ جَهَنَّمَ } إعرابه ما سبق. { يَصْلَوْنَهَا } حال من جهنم. { فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } المهد والمفترش، مستعار من فراش النائم والمخصوص بالذم محذوف وهو { جَهَنَّمَ } لقوله
{ لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ } [الأعراف: 41] { هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ }، أي ليذوقوا هذا فليذوقوه، أو العذاب هذا فليذوقوه، ويجوز أن يكون مبتدأ وخبره: { حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } وهو على الأولين خبر محذوف أي هو { حَمِيمٍ }، والغساق ما يغسق من صديد أهل النار من غسقت العين إذا سال دمعها، وقرأ حفص وحمزة والكسائي «غَسَّاق» بتشديد السين.
{ وَءَاخَرُ } أي مذوق أو عذاب آخر، وقرأ البصريان «وأخرى» أي ومذوقات أو أنواع عذاب أخر. { مِن شَكْلِهِ } من مثل هذا المذوق أو العذاب في الشدة، وتوحيد الضمير على أنه لما ذكر أو للشراب الشامل للحميم والغساق أو للغساق. وقرىء بالكسر وهو لغة. { أَزْوٰجٌ } أجناس خبر لـ { ءَاخَرُ } أو صفة له أو للثلاثة، أو مرتفع بالجار والخبر محذوف مثل لهم.
{ هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ } حكاية ما يقال للرؤساء الطاغين إذا دخلوا النار واقتحمها معهم فوج تبعهم في الضلال، والاقتحام ركوب الشدة والدخول فيها. { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ } دعاء من المتبوعين على أتباعهم أو صفة لـ { فَوْجٌ }، أو حال أي مقولاً فيهم لا مرحباً أي ما أتوا بهم رحباً وسعة. { إِنَّهُمْ صَالُو ٱلنَّارِ } داخلون النار بأعمالهم مثلنا.
{ قَالُواْ } أي الأتباع للرؤساء. { بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ } بل أنتم أحق بما قلتم، أو قيل لنا لضلالكم وإضلالكم كما قالوا: { أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا } قدمتم العذاب أو الصلي لنا بإِغوائنا وإغرائنا على ما قدمتموه من العقائد الزائغة والأعمال القبيحة. { فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } فبئس المقر جهنم.