{وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ} عن المتابعة. {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} ثابت عداوته بأن أخرجكم عن الجنة وعرضكم للبلية.
{وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِٱلْبَيّنَـٰتِ} بالمعجزات أو بآيات الإِنجيل، أو بالشرائع الواضحات. {قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِٱلْحِكْمَةِ } بالإِنجيل أو بالشريعة. {وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} وهو ما يكون من أمر الدين لا ما يتعلق بأمر الدنيا، فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يبعثوا لبيانه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام
"أنتم أعلم بأمر دنياكم" {فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } فيما أبلغه عنه. {إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ رَبّى وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ } بيان لما أمرهم بالطاعة فيه، وهو اعتقاد التوحيد والتعبد بالشرائع. {هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ } الإِشارة إلى مجموع الأمرين وهو تتمة كلام عيسى عليه الصلاة والسلام، أو استئناف من الله تعالى يدل على ما هو المقتضي للطاعة في ذلك.
{فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ} الفرق المتحزبة. {مِن بَيْنِهِمْ } من بين النصارى أو اليهود والنصارى من بين قومه المبعوث إليهم. {فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ ظَلَمُواْ} من المتحزبين {مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ } هو القيامة.
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ } الضمير لقريش أو {لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ}. {أَن تَأْتِيهُمُ } بدل من {ٱلسَّاعَةَ } والمعنى هل ينظرون إلا إتيان الساعة. {بَغْتَةً} فجأة. {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} غَافِلُونَ عنها لاشتغالهم بأمور الدنيا وإنكارهم لها.
{ٱلأَخِلاء} الأحباء. {يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} أي يتعادون يومئذ لانقطاع العلق لظهور ما كانوا يتخالون له سبباً للعذاب. {إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ} فإن خلتهم لما كانت في الله تبقى نافعة أبد الآباد.
{يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} حكاية لما ينادي به المتقون المتحابون في الله يومئذ، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص بغير الياء.
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِـئَايَـٰتِنَا} صفة المنادي. {وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ} حال من الواو أي الذين آمنوا مخلصين، غير أن هذه العبارة آكد وأبلغ.
{ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ} نساؤكم المؤمنات. {تُحْبَرُونَ} تسرون سروراً يظهر حباره أي أثره على وجوهكم، أو تزينون من الحبر وهو حسن الهيئة أو تكرمون إكراماً يبالغ فيه، والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل.
{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوٰبٍ } الصحاف جمع صحفة، والأكواب جمع كوب وهو كوز لا عروة له. {وَفِيهَا} وفي الجنة {مَا تَشْتَهِى ٱلأنفُسُ} وقرأ نافع وابن عامر وحفص {تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ} على الأصل. {وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ} بمشاهدته وذلك تعميم بعد تخصيص ما يعد من الزوائد في التنعم والتلذذ. {وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ} فإن كل نعيم زائل موجب لكلفة الحفظ وخوف الزوال ومستعقب للتحسر في ثاني الحال.
{وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} وقرأ ورثتموها، شبه جزاء العمل بالميراث لأنه يخلفه عليه العامل، وتلك إشارة إلى الجنة المذكورة وقعت مبتدأ والجنة خبرها، و {ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا} صفتها أو {ٱلْجَنَّةِ} صفة {تِلْكَ} و {ٱلَّتِى } خبرها أو صفة {ٱلْجَنَّةِ} والخبر {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }، وعليه يتعلق الباء بمحذوف لا بـ {أُورِثْتُمُوهَا}.
{لَكُمْ فِيهَا فَـٰكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مّنْهَا تَأْكُلُونَ } بعضها تأكلون لكثرتها ودوام نوعها،! ولعل تفصيل التنعم بالمطاعم والملابس وتكريره في القرآن وهو حقير بالإضافة إلى سائر نعائم الجنة لما كان بهم من الشدة والفاقة.
{إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ } الكاملين في الإِجرام وهم الكفار لأنه جعل قسيم المؤمنين بالآيات، وحكى عنهم ما يخص بالكفار. {فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ } خبر إن أو خالدون خبر والظرف متعلق به.
{لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} لا يخفف عنهم من فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلاً والتركيب للضعف. {وَهُمْ فِيهِ} في العذاب {مُّبْلِسُونَ} آيسون من النجاة.
{وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِينَ} مر مثله غير مرة وهم فصل.