{ بَلْ هُمْ فِى شَكّ يَلْعَبُونَ } رد لكونهم موقنين.
{ فَٱرْتَقِبْ } فانتظر لهم. { يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } يوم شدة ومجاعة فإن الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان من ضعف بصره، أو لأن الهواء يظلم عام القحط لقلة الأمطار وكثرة الغبار، أو لأن العرب تسمي الشر الغالب دخاناً وقد قحطوا حتى أكلوا جيف الكلاب وعظامها، وإسناد الإتيان إلى السماء لأن ذلك يكفه عن الأمطار، أو يوم ظهور الدخان المعدود في أشراط الساعة لما روي أنه عليه الصلاة والسلام لما قال: أول الآيات الدخان ونزول عيسى عليه السلام، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر. قيل وما الدخان فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية وقال:
"يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة، أما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكام وأما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره" أو يوم القيامة والدخان يحتمل المعنيين. { يَغْشَى ٱلنَّاسَ } يحيط بهم صفة للدخان وقوله: { هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
{ رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } مقدر بقول وقع حالاً و { إِنَّا مْؤْمِنُونَ } وعد بالإِيمان إن كشف العذاب عنهم.
{ أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذّكْرَىٰ } من أين لهم وكيف يتذكرون بهذه الحالة. { وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } بين لهم ما هو أعظم منها في إيجاب الإدكار من الآيات والمعجزات.
{ ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } أي قال بعضهم يعلمه غلام أعجمي لبعض ثقيف وقال آخرون إنه { مَّجْنُونٍ }.
{ إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ } بدعاء النبي عليه الصلاة والسلام فإنه لما دعا رفع القحط { قَلِيلاً } كشفا قليلاً أو زماناً قليلاً وهو ما بقي من أعمارهم. { إِنَّكُمْ عَائِدُونَ } إلى الكفر غب الكشف، ومن فسر الدخان بما هو من الأشراط قال إذا جاء الدخان غوث الكفار بالدعاء فيكشفه الله عنهم بعد الأربعين، فريثما يكشفه عنهم يرتدون، ومن فسره بما في القيامة أوله بالشرط والتقدير.
{ يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } يوم القيامة أو يوم بدر ظرف لفعل دل عليه. { إِنَّا مُنتَقِمُونَ } لا لمنتقمون فإن إن تحجزه عنه، أو بدل من { يَوْمَ تَأْتِى }. وقرىء { نَبْطِشُ } أي نجعل البطشة الكبرى باطشة بهم، أو نحمل الملائكة على بطشهم وهو التناول بصولة.
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ } امتحناهم بإرسال موسى عليه السلام إليهم، أو أوقعناهم في الفتنة بالإِمهال وتوسيع الرزق عليهم. وقرىء بالتشديد للتأكيد أو لكثرة القوم. { وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } على الله أو على المؤمنين أو في نفسه لشرف نسبه وفضل حسبه .
{ أَنْ أَدُّواْ إِلَىَّ عِبَادَ ٱللَّهِ } بأن أدوهم إلى وأرسلوا معي، أو بأن أدوا إلي حق الله من الإِيمان وقبول الدعوة يا عباد الله، ويجوز أن تكون { أن } مخففة ومفسرة لأن مجيء الرسول يكون برسالة ودعوة. { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } غير متهم لدلالة المعجزات على صدقه، أو لائتمان الله إياه على وحيه وهو علة الأمر.