{ وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ } ولا تتكبروا عليه بالاستهانة بوحيه ورسوله، و { أن } كالأولى في وجهيها. { إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ } علة للنهي ولذكر الـ { أَمِينٌ } مع الأداء، والسلطان مع العلاء شأن لا يخفى.
{ وَإِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُمْ } التجأت إليه وتوكلت عليه. { أَن تَرْجُمُونِ } أن تؤذوني ضرباً أو شتماً أو أن تقتلوني. وقرىء «عت» بالإدغام فيه.
{ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِى فَٱعْتَزِلُونِ } فكونوا بمعزل مني لا علي ولا لي، ولا تتعرضوا إليَّ بسوء فإنه ليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه فلا حكم.
{ فَدَعَا رَبَّهُ } بعدما كذبوه. { أَنْ هَـؤُلآءِ } بأن هؤلاء { قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } وهو تعريض بالدعاء عليهم بذكر ما استوجبوه به ولذلك سماه دعاء، وقرىء بالكسر على إضمار القول.
{ فَأَسْرِ بِعِبَادِى لَيْلاً } أي فقال أسر أو قال إن كان الأمر كذلك { فَأَسْرِ }، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير بوصل الهمزة من سرى { إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ } يتبعكم فرعون وجنوده إذا علموا بخروجكم.
{ وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً } مفتوحاً ذا فجوة واسعة أو ساكناً على هيئته بعد ما جاوزته ولا تضربه بعصاك ولا تغير منه شيئاً ليدخله القبط { إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } وقرىء بالفتح بمعنى لأنهم.
{ كَمْ تَرَكُواْ } كثيراً تركوا. { مّن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ }.
{ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } محافل مزينة ومنازل حسنة.
{ وَنَعْمَةٍ } وتنعم. { كَانُواْ فِيهَا فَـٰكِهِينَ } متنعمين، وقرىء «فكهين».
{ كَذٰلِكَ } مثل ذلك الإِخراج أخرجناهم أو الأمر كذلك. { وَأَوْرَثْنَـٰهَا } عطف على المقدر أو على { تَرَكُواْ }. { قَوْماً ءَاخَرِينَ } ليسوا منهم في شيء وهم بنو إسرائيل، وقيل غيرهم لأنهم لم يعودوا إلى مصر.
{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَاءُ وَٱلأَرْضُ } مجاز من عدم الاكتراث بهلاكهم والاعتداد بوجودهم كقولهم: بكت عليهم السماء والأرض وكسفت لمهلكهم الشمس في نقيض ذلك. ومنه ما روي في الأخبار: إن المؤمن ليبكي عليه مصلاه ومحل عبادته ومصعد عمله ومهبط رزقه. وقيل تقديره فما بكت عليهم أهل السماء والأرض { وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } ممهلين إلى وقت آخر.