التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ
١٦
وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
١٧
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ
١٨
وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
١٩
وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ
٢٠
-الأحقاف

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } يعني طاعاتهم فإن المباح حسن ولا يثاب عليه. { وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيَّئَاتِهِمْ } لتوبتهم، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بالنون فيهما. { فِى أَصْحَـٰبِ ٱلْجَنَّةِ } كائنين في عدادهم أو مثابين أو معدودين فيهم. { وَعْدَ ٱلصّدْقِ } مصدر مؤكد لنفسه فإن يتقبل ويتجاوز وعد { ٱلَّذِى كَانُواْ يُوعَدُونَ } أي في الدنيا.

{ وَٱلَّذِى قَالَ لِوٰلِدَيْهِ أُفّ لَّكُمَا } مبتدأ خبره { أُوْلَـٰئِكَ }، والمراد به الجنس وإن صح نزولها في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه، فإن خصوص السبب لا يوجب التخصيص. وفي { أُفّ } قراءات ذكرت في سورة «بني إسرائيل». { أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ } أبعث، وقرأ هشام «أتعداني» بنون واحدة مشددة. { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى } فلم يرجع أحد منهم. { وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ } يقولان الغياث بالله منك، أو يسألانه أن يغيثه بالتوفيق للإِيمان. { وَيْلَكَ ءامِنْ } أي يقولان له { وَيْلَكَ }، وهو الدعاء بالثبور بالحث على ما يخاف على تركه. { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَا إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أباطيلهم التي كتبوها.

{ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } بأنهم أهل النار وهو يرد النزول في عبد الرحمن لأنه يدل على أنه من أهلها لذلك وقد جب عنه إن كان لإسلامه. { فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ } كقوله في أصحاب الجنة. { مّنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ } بيان للأمم. { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ } تعليل للحكم على الاستئناف.

{ وَلِكُلّ } من الفريقين. { دَرَجَـٰتٌ مّمَّا عَمِلُواْ } مراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر، أو من أجل ما عملوا والـ { دَرَجَـٰتٌ } غالبة في المثوبة وها هنا جاءت على التغليب. { وَلِيُوَفّيَهُمْ أَعْمَـٰلَهُمْ } جزاءها، وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وابن ذكوان بالنون. { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقص ثواب وزيادة عقاب.

{ وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } يعذبون بها. وقيل تعرض النار عليهم فقلب مبالغة كقولهم: عرضت الناقة على الحوض. { أَذْهَبْتُمْ } أي يقال لهم أذهبتم، وهو ناصب اليوم وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب بالاستفهام غير أن ابن كثير يقرؤه بهمزة ممدودة وهما يقرآن بها وبهمزتين محققتين. { طَيّبَـٰتِكُمْ } لذاتكم. { فِى حَيَـٰتِكُمُ ٱلدُّنْيَا } باستيفائها. { وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا } فما بقي لكم منها شيء. { فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ } الهوان وقد قرىء به. { بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ } بسبب الاستكبار الباطل والفسوق عن طاعة الله، وقرىء { تَفْسِقُونَ } بالكسر.