التفاسير

< >
عرض

يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ
٦٧
-المائدة

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ } جميع ما أنزل إِليك غير مراقب أحداً ولا خائف مكروهاً. { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ } وإن لم تبلغ جميعه كما أمرتك. { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } فما أديت شيئاً منها، لأن كتمان بعضها يضيع ما أدي منها كترك بعض أركان الصلاة، فإن غرض الدعوة ينتقض به، أو فكأنك ما بلغت شيئاً منها كقوله: { فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً } [المائدة: 32] من حيث أن كتمان البعض والكل سواء في الشفاعة واستجلاب العقاب. وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر رسالاته بالجمع وكسر التاء. { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } عدة وضمان من الله سبحانه وتعالى بعصمة روحه صلى الله عليه وسلم من تعرض الأعادي وإزاحة لمعاذيره. { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } لا يمكنهم مما يريدون بك. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "بعثني الله برسالاته فضقت بها ذرعاً فأوحى الله تعالى إليَّ إن لم تبلغ رسالتي عذبتك وضمن لي العصمة فقويت. وعن أنس رضي الله تعالى عنه، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت، فأخرج رأسه من قبة أدم فقال: انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله من الناس" . وظاهر الآية يوجب تبليغ كل ما أنزل ولعل المراد به تبليغ ما يتعلق به مصالح العباد، وقصد بإنزاله إطلاعهم عليه فإن من الأسرار الإِلهية ما يحرم افشاؤه.