مكية وهي خمس وأربعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
{ ق وَٱلْقُرْءانِ ٱلْمَجِيدِ } الكلام فيه كما مر في
{ ص وَٱلْقُرْءانِ ذِى ٱلذّكْرِ } [ص: 1] و{ ٱلْمَجِيدِ } ذو المجد والشرف على سائر الكتب، أو لأنه كلام المجيد، أو لأن من علم معانيه وامتثل أحكامه مجد. { بَلْ عَجِبُواْ أَن جَاءهُمْ مُّنذِرٌ مّنْهُمْ } إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب، وهو أن ينذرهم أحد من جنسهم أو من أبناء جلدتهم. { فَقَالَ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا شَىْء عَجِيبٌ } حكاية لتعجبهم، وهذا إشارة إلى اختيار الله محمداً صلى الله عليه وسلم للرسالة، وإضمار ذكرهم ثم إظهاره للاشعار بتعنتهم بهذا المقال، ثم التسجيل على كفرهم بذلك أو عطف لتعجبهم من البعث على تعجبهم من البعثة، والمبالغة فيه بوضع الظاهر موضع ضميرهم وحكاية تعجبهم مبهماً إن كانت الإِشارة إلى منهم يفسره ما بعده، أو مجملاً إن أهون مما يشاهدون من صنعه.
{ أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً } أي أنرجع إذا متنا وصرنا تراباً، ويدل على المحذوف قوله: { ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } أي بعيد عن الوهم أو العادة أو الإِمكان. وقيل الرجع بمعنى المرجوع.
{ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضَ مِنْهُمْ } ما تأكل من أجساد موتاهم، وهو رد لاستبعادهم بإزاحة ما هو الأصل فيه، وقيل إنه جواب القسم واللام محذوف لطول الكلام. { وَعِندَنَا كِتَـٰبٌ حَفِيظٌ } حافظ لتفاصيل الأشياء كلها، أو محفوظ عن التغيير، والمراد إما تمثيل علمه بتفاصيل الأشياء بعلم من عنده كتاب محفوظ يطالعه، أو تأكيد لعلمه بها بثبوتها في اللوح المحفوظ عنده.
{ بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقّ } يعني النبوة الثابتة بالمعجزات، أو النبي صلى الله عليه وسلم، أو القرآن. { لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ } وقرىء «لَّمّاً» بالكسر. { فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ } مضطرب من مرج الخاتم في أصبعه إذا خرج، وذلك قولهم تارة أنه { شَاعِرٌ } وتارة أنه { سَـٰحِرٌ } وتارة أنه كاهن.
{ أَفَلَمْ يَنظُرُواْ } حين كفروا بالبعث. { إِلَى ٱلسَّمَاء فَوْقَهُمْ } إلى آثار قدرة الله تعالى في خلق العالم. { كَيْفَ بَنَيْنَـٰهَا } رفعناها بلا عمد. { وَزَيَّنَّـٰهَا } بالكواكب. { وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } فتوق بأن خلقها ملساء متلاصقة الطباق.
{ وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَـٰهَا } بسطناها. { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ } جبالاً ثوابت. { وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ } أي من كل صنف. { بَهِيجٍ } حسن.
{ تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } راجع إلى ربه متفكر في بدائع صنعه، وهما علتان للأفعال المذكورة معنى وإن انتصبنا عن الفعل الأخير.
{ وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء مُّبَـٰرَكاً } كثير المنافع { فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّـٰتٍ } أشجاراً وأثماراً. { وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } وحب الزرع الذي من شأنه أن يحصد كالبر والشعير.
{ وَٱلنَّخْلَ بَـٰسِقَـٰتٍ } طوالاً أو حوامل من أبسقت الشاة إذا حملت فيكون من أفعل فهو فاعل، وإفرادها بالذكر لفرط ارتفاعها وكثرة منافعها. وقرىء لأجل القاف. { لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } منضود بعضه فوق بعض، والمراد تراكم الطلع أو كثرة ما فيه من الثمر.
{ رّزْقاً لّلْعِبَادِ } علة لـ { أَنبَتْنَا } أو مصدر، فإن الإِنبات رزق. { وَأَحْيَيْنَا بِهِ } بذلك الماء. { بَلْدَةً مَّيْتاً } أرضاً جدبة لا نماء فيها. { كَذٰلِكَ ٱلْخُرُوجُ } كما حييت هذه البلدة يكون خروجكم أحياء بعد موتكم.
{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَـٰبُ ٱلرَّسّ وَثَمُودُ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ } أراد بفرعون إياه وقومه ليلائم ما قبله وما بعده. { وَإِخْوٰنُ لُوطٍ } أخدانه لأنهم كانوا أصهاره.