التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ
٣٠
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ
٣١
قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ
٣٢
لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ
٣٣
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ
٣٤
فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٣٥
فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٣٦
وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٣٧
وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٣٨
فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
٣٩
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ
٤٠
وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ
٤١
مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ
٤٢
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ
٤٣
فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ
٤٤
فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ
٤٥
وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ
٤٦
-الذاريات

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ قَالُواْ كَذَلِكِ } مثل ذلك الذي بشرنا به. { قَالَ رَبُّكِ } وإنما نخبرك به عنه. { إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } فيكون قوله حقاً وفعله محكماً.

{ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } لما علم أنهم ملائكة وأنهم لا ينزلون مجتمعين إلا لأمر عظيم سأل عنه.

{ قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } يعنون قوم لوط.

{ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن طِينٍ } يريد السجيل فإنه طين متحجر.

{ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبّكَ } مرسلة من أسمت الماشية، أو معلمة من السومة وهي العلامة. { لِلْمُسْرِفِينَ } المجاوزين الحد في الفجور.

{ فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا } في قرى قوم لوط وإضمارها ولم يجر ذكرها لكونها معلومة. { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ممن آمنَ بلوط.

{ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } غير أهل بيت من المسلمين، واستدل به على اتحاد الإِيمان والإِسلام وهو ضعيف لأن ذلك لا يقتضي إلا من صدق المؤمن والمسلم على من اتبعه، وذلك لا يقتضي اتحاد مفهوميهما لجواز صدق المفهومات المختلفة على ذات واحدة.

{ وَتَرَكْنَا فِيهَا ءايَةً } علامة. { لّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } فإنهم المعتبرون بها وهي تلك الأحجار، أو صخر منضود فيها أو ماء أسود منتن.

{ وَفِى مُوسَىٰ } عطف على { وَفِى ٱلأَرْضِ }، أو { ترَكْنَا فِيهَا } على معنى وجعلنا في موسى كقوله:

علفتها تبناً وماء بارداً

{

إِذْ أَرْسَلْنَـٰهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } هو معجزاته كالعصا واليد.

{ فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ } فأعرض عن الإِيمان به كقوله { وَنَأَى بِجَانِبِهِ } أو فتولى بما كان يتقوى به من جنوده، وهو اسم لما يركن إليه الشيء ويتقوى به. وقرىء بضم الكاف. { وَقَالَ سَـٰحِرٌ } أي هو ساحر. { أَوْ مَجْنُونٌ } كأنه جعل ما ظهر عليه من الخوارق منسوباً إلى الجن، وتردد في أنه حصل ذلك باختياره وسعيه أو بغيرهما.

{ فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمّ } فأغرقناهم في البحر. { وَهُوَ مُلِيمٌ } آت بما يلام عليه من الكفر والعناد، والجملة حال من الضمير في { فَأَخَذْنَـٰهُ }.

{ وَفِى عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرّيحَ ٱلْعَقِيمَ } سماها عقيماً لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم، أو لأنها لم تتضمن منفعة، وهي الدبور أو الجنوب أو النكباء.

{ مَا تَذَرُ مِن شَىْءٍ أَتَتْ } مرت. { عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَٱلرَّمِيمِ } كالرماد من الرم وهو البلى والتفتت.

{ وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ } تفسيره قوله: { تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ }

[هود: 65] { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ } فاستكبروا عن امتثاله. { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ } أي العذاب بعد الثلاث. وقرأ الكسائي «الصعقة» وهي المرة من الصعق. { وَهُمْ يَنظُرُونَ } إليها فإنها جاءتهم معاينة بالنهار.

{ فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مِن قِيَامٍ } كقوله: { فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَـٰثِمِينَ } [الأعراف: 91] وقيل من قولهم ما يقوم به إذا عجز عن دفعه. { وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } ممتنعين منه.

{ وَقَوْمَ نُوحٍ } أي وأهلكنا قوم نوح لأن ما قبله يدل عليه. أو أذكر ويجوز أن يكون عطفاً على محل { فِى عَادٍ }، ويؤيده قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي بالجر. { مِن قَبْلُ } من قبل هؤلاء المذكورين. { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } خارجين عن الاستقامة بالكفر والعصيان.