التفاسير

< >
عرض

وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً
١
فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً
٢
فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً
٣
فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً
٤
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ
٥
وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ
٦
وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ
٧
إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ
٨
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
٩
-الذاريات

انوار التنزيل واسرار التأويل

مكية وآيها ستون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَٱلذَّارِيَـٰتِ ذَرْواً } يعني الرياح تذرو التراب وغيره، أو النساء الولود فإنهن يذرين الأولاد، أو الأسباب التي تذري الخلائق من الملائكة وغيرهم. وقرأ أبو عمرو وحمزة بإدغام التاء في الذال.

{ فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } فالسحب الحاملة للأمطار، أو الرياح الحاملة للسحاب، أو النساء الحوامل، أو أسباب ذلك. وقرىء «وِقْراً» على تسمية المحمول بالمصدر.

{ فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً } فالسفن الجارية في البحر سهلاً، أو الرياح الجارية في مهابها، أو الكواكب التي تجري في منازلها. و { يُسْراً } صفة مصدر محذوف أي جرياً ذا يسر.

{ فَٱلْمُقَسّمَـٰتِ أَمْراً } الملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها، أو ما يعمهم وغيرهم من أسباب القسمة، أو الريح يقسمن الأمطار بتصريف السحاب، فإن حملت على ذوات مختلفة بالفاء لترتيب الأقسام بها باعتبار ما بينها من التفاوت في الدلالة على كمال القدرة، وإلا فالفاء لترتيب الأفعال إذ الرياح مثلاً تذرو الأبخرة إلى الجو حتى تنعقد سحاباً، فتحمله فتجري به باسطة له إلى حيث أمرت به فتقسم المطر. { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌ }.

{ وَإِنَّ ٱلدّينَ لَوَاقِعٌ } جواب القسم كأنه استدل باقتداره على هذه الأشياء العجيبة المخالفة لمقتضى الطبيعة على اقتداره على البعث للجزاء الموعود، وما موصولة أو مصدرية و { ٱلدّينِ } الجزاء والواقع الحاصل.

{ وَٱلسَّمَاءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } ذات الطرائق، والمراد إما الطرائق المحسوسة التي هي مسير الكواكب أو المعقولة التي يسلكها النظار وتتوصل بها إلى المعارف، أو النجوم فإن لها طرائق أو أنها تزينها كما يزين الموشي طرائق الوشي. جمع حبيكة كطريقة وطرق أو حباك كمثال ومثل. وقرىء « ٱلْحُبُكِ» بالسكون و «ٱلْحُبُكِ » كالإِبل و« ٱلْحُبُكِ » كالسلك و «ٱلْحُبُكِ» كالجبل و « ٱلْحُبُكِ» كالنعم و« ٱلْحُبُكِ » كالبرق.

{ إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } في الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قولهم تارة أنه { شَاعِرٌ } وتارة أنه { سَـٰحِرٌ } وتارة أنه { مَّجْنُونٍ }، أو في القرآن أو القيامة أو أمر الديانة، ولعل النكتة في هذا القسم تشبيه أقوالهم في اختلافها وتنافي أغراضها بطرائق السموات في تباعدها واختلاف غاياتها.

{ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } يصرف عنه والضمير للرسول أو القرآن أو الإيمان، من صرف إذ لا صرف أشد منه فكأنه لا صرف بالنسة إليه، أو يصرف من صرف في علم الله وقضائه ويجوز أن يكون الضمير للـ { قَوْلَ } على معنى يصدر { أُفِكَ } من أفك عن القول المختلف وبسببه كقوله:

ينهون عن أكل وعن شرب

أي يصدر تناهيهم عنهما وسببهما وقرىء { أُفِكَ } بالفتح أي من أفك الناس وهم قريش كانوا يصدون الناس عن الإِيمان.