التفاسير

< >
عرض

هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ
١٤
أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ
١٥
ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٦
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ
١٧
فَاكِهِينَ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ
١٨
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٩
مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ
٢٠
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ
٢١
-الطور

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } أي يقال لهم ذلك.

{ أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا } أي كنتم تقولون للوحي هذا سحر أفهذا المصداق أيضاً سحر، وتقديم الخبر لأنه المقصود بالإِنكار والتوبيخ. { أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } هذا أيضاً كما كنتم لا تبصرون في الدنيا، ما يدل عليه وهو تقريع وتهكم أو: أم سدت أبصاركم كما سدت في الدنيا على زعمكم حين قلتم { إِنَّمَا سُكّرَتْ أَبْصَـٰرُنَا }

[الحجر: 15] { ٱصْلَوْهَا فَٱصْبِرُواْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ } أي ادخلوها على أي وجه شئتم من الصبر وعدمه فإنه لا محيص لكم عنها. { سَوَاء عَلَيْكُمْ } أي الأمران الصبر وعدمه. { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } تعليل للاستواء فإنه لما كان الجزاء واجب الوقوع كان الصبر وعدمه سيين في عدم النفع.

{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَنَعِيمٍ } في أية جنات وأي نعيم، أو في { جَنَّـٰتٍ وَنَعِيمٍ } مخصوصة بهم.

{ فَـٰكِهِينَ } ناعمين متلذذين. { بِمَا ءاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ } وقرىء «فكهين» و «فاكهون» على أنه الخبر والظرف لغو. { وَوَقَـٰهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } عطف على { ءاتَـٰهُمُ } إن جعل { مَا } مصدرية، أو { فِي جَنَّـٰتِ } أو حال بإضمار قد من المستكن في الظرف أو الحال، أو من فاعل آتي أو مفعوله أو منهما.

{ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً } أي أكلا وشرابا { هَنِيئَاً }، أو طعاماً وشراباً { هَنِيئَاً } وهو الذي لا تنغيص فيه. { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } بسببه أو بدله، وقيل الباء زائدة و «ما» فاعل { هَنِيئَاً }، والمعنى هنأكم ما كنتم تعملون أي جزاؤه.

{ مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ } مصطفة { وَزَوَّجْنَـٰهُم بِحُورٍ عِينٍ } الباء لما في التزويج من معنى الوصل والإِلصاق، أو للسببية إذ المعنى صيرناهم أزواجاً بسببهن، أو لما في التزويج من معنى الإلصاق والقرن ولذلك عطف.

{ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } على حور أي قرناهم بأزواج حور ورفقاء مؤمنين. وقيل إنه مبتدأ { أَلْحَقْنَا بِهِمْ } وقوله: { وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُم بِإِيمَـٰنٍ } اعتراض للتعليل، وقرأ ابن عامر ويعقوب «ذرياتهم» بالجمع وضم التاء للمبالغة في كثرتهم والتصريح، فإن الذرية تقع على الواحد والكثير، وقرأ أبو عمرو و «أتبعناهم ذرياتهم» أي جعلناهم تابعين لهم في الإِيمان. وقيل { بِإِيمَـٰنٍ } حال من الضمير أو الذرية أو منهما وتنكيره للتعظيم، أو الإِشعار بأنه يكفي للإِلحاق المتابعة في أصل الإِيمان. { أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ } في دخول الجنة أو الدرجة. لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال "إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه لتقربهم عينه ثم تلا هذه الآية" وقرأ نافع وابن عامر والبصريان { ذرياتهم }. { وَمَا أَلَتْنَـٰهُمْ } وما نقصناهم. { مّنْ عَمَلِهِم مّن شَىْء } بهذا الإِلحاق فإنه كان يحتمل أن يكون بنقص مرتبة الآباء أو بإعطاء الأبناء بعض مثوباتهم، ويحتمل أن يكون بالتفصيل عليهم وهو اللائق بكمال لطفه. وقرأ ابن كثير بكسر اللام من ألت يألت، وعنه «لتناهم» من لات يليت و «آلتناهم» من آلت يولت، و «والتناهم» من ولت يلت ومعنى الكل واحد. { كُلُّ ٱمْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } بعمله مرهون عند الله تعالى فإن عمل صالحاً فكه وإلا أهلكه.