التفاسير

< >
عرض

وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ
٢٢
يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ
٢٣
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ
٢٤
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ
٢٥
قَالُوۤاْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِيۤ أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ
٢٦
فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ
٢٧
إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ
٢٨
فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ
٢٩
أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ
٣٠
قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُتَرَبِّصِينَ
٣١
أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـٰذَآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ
٣٢
-الطور

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَأَمْدَدْنَـٰهُم بِفَـٰكِهَةٍ وَلَحْمٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ } أي وزدناهم وقتاً بعد وقت ما يشتهون من أنواع التنعم.

{ يَتَنَـٰزَعُونَ فِيهَا } يتعاطون هم وجلساؤهم بتجاذب. { كَأْساً } خمراً سماها باسم محلها ولذلك أنث الضمير في قوله: { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } أي لا يتكلمون بلغو الحديث في أثناء شربها، ولا يفعلوا ما يؤثم به فاعله كما هو عادة الشاربين في الدنيا، وذلك مثل قوله تعالى: { لاَ فِيهَا غَوْلٌ } [الصافات: 47] وقرأهما ابن كثير والبصريان بالفتح.

{ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ } أي بالكأس. { غِلْمَانٌ لَّهُمْ } أي مماليك مخصوصون بهم. وقيل هم أولادهم الذين سبقوهم. { كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ } مصون في الصدف من بياضهم وصفائهم. وعنه صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب"

{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } يسأل بعضهم بعضاً عن أحواله وأعماله.

{ قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلَ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ } خائفين من عصيان الله معتنين بطاعته، أو وجلين من العاقبة.

{ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } بالرحمة والتوفيق. { وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ } عذاب النار النافذة في المسام نفوذ السموم، وقرىء «وَوَقَّـٰنَا» بالتشديد.

{ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ } من قبل ذلك في الدنيا. { نَدْعُوهُ } نعبده أو نسأله الوقاية. { إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ } المحسن، وقرأ نافع والكسائي «أَنَّهُ» بالفتح. { ٱلرَّحِيمِ } الكثير الرحمة.

{ فَذَكّرْ } فاثبت على التذكير ولا تكترث بقولهم. { فَمَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبَّكَ } بحمد الله وإنعامه. { بِكَـٰهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ }، كما يقولون.

{ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } ما يقلق النفوس من حوادث الدهر، وقيل { ٱلْمَنُونِ } الموت فعول من منه إذا قطعه.

{ قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنّى مَعَكُمْ مّنَ ٱلْمُتَرَبّصِينَ } أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكي.

{ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَـٰمُهُمْ } عقولهم. { بِهَـٰذَا } بهذا التناقض في القول فإن الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر، والمجنون مغطى عقله والشاعر يكون ذا كلام موزون متسق مخيل، ولا يتأتى ذلك من المجنون وأمر الأحلام به مجاز عن أدائها إليه. { أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } مجاوزون الحد في العناد وقرىء «بل هم».