التفاسير

< >
عرض

أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ
٣٣
فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ
٣٤
أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ
٣٥
أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ
٣٦
أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ
٣٧
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٣٨
أَمْ لَهُ ٱلْبَنَاتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ
٣٩
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ
٤٠
أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ
٤١
أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ
٤٢
أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٤٣
وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ
٤٤
فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ
٤٥
يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٤٦
وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٧
وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ
٤٨
وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ
٤٩
-الطور

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ } اختلقه من تلقاء نفسه. { بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ } فيرمونه بهذه المطاعن لكفرهم وعنادهم.

{ فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مّثْلِهِ } مثل القرآن. { إِن كَانُواْ صَـٰدِقِينَ } في زعمهم إذ فيهم كثير ممن عدوا فصحاء فهو رد للأقوال المذكورة بالتحدي، ويجوز أن يكون رد للتقول فإن سائر الأقسام ظاهر الفساد.

{ أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْء } أم أحدثوا وقدروا من غير محدث ومقدر فلذلك لا يعبدونه، أو من أجل لا شيء من عبادة ومجازاة. { أَمْ هُمُ ٱلْخَـٰلِقُونَ } يؤيد الأول فإن معناه أم خلقوا أنفسهم ولذاك عقبه بقوله:

{ أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } وَ { أَمْ } في هذه الآيات منقطعة ومعنى الهمزة فيها الإِنكار. { بَل لاَّ يُوقِنُونَ } إذا سئلوا من خلقكم ومن خلق السمٰوات والأرض قالوا الله إذ لو أيقنوا ذلك لما أعرضوا عن عبادته.

{ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ } خزائن رزقه حتى يرزقوا النبوة من شاؤوا، أو خزائن علمه حتى يختاروا لها من اختارته حكمته. { أَمْ هُمُ المُصَيْطَرُون } الغالبون على الأشياء يدبرونها كيف شاؤوا. وقرأ قنبل وحفص بخلاف عنه وهشام بالسين وحمزة بخلاف عن خلاد بين الصاد والزاي، والباقون بالصاد خاصة.

{ ٱ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ } مرتقى إلى السماء. { يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } صاعدين فيه إلى كلام الملائكة وما يوحي إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن. { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } بحجة واضحة تصدق استماعه.

{ أَمْ لَهُ ٱلْبَنَـٰتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } فيه تسفيه لهم وإشعار بأن من هذا رأيه لا يعد من العقلاء فضلاً أن يترقى بروحه إلى عالم الملكوت فيتطلع على الغيوب.

{ أَمْ تَسْـئَلُهُمْ أَجْراً } على تبليغ الرسالة. { فَهُم مّن مَّغْرَمٍ } من التزام غرم. { مُّثْقَلُونَ } محملون الثقل فلذلك زهدوا في اتباعك.

{ أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ } اللوح المحفوظ المثبت فيه المغيبات. { فَهُمْ يَكْتُبُونَ } منه.

{ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } وهو كيدهم في دار الندوة برسول الله صلى الله عليه وسلم. { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يحتمل العموم والخصوص فيكون وضعه موضع الضمير للتسجيل على كفرهم، والدلالة على أنه الموجب للحكم المذكور.

{ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } هم الذين يحيق بهم الكيد أو يعود عليهم وبال كيدهم، وهو قتلهم يوم بدر أو المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته.

{ أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ } يعينهم ويحرسهم من عذابه. { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } عن إشراكهم أو شركة ما يشركونه به.

{ وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً } قطعة. { مّنَ ٱلسَّمَاءِ سَـٰقِطاً يَقُولُواْ } من فرط طغيانهم وعنادهم. { سَحَـٰبٌ مَّرْكُومٌ } هذا سحاب تراكم بعضه على بعض، وهو جواب قولهم { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مّنَ ٱلسَّمَاء }

[الشعراء: 187] { فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ } وهو عند النفخة الأولى، وقرىء. «يلقوا» وقرأ ابن عامر وعاصم { يُصْعَقُونَ } على المبني للمفعول من صعقه أو أصعقه.

{ يَوْمَ لاَ يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً } أي شيئاً من الإِغناء في رد العذاب. { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } يمنعون من عذاب الله.

{ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يحتمل العموم والخصوص. { عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } أي دون عذاب الآخرة وهو عذاب القبر أو المؤاخذة في الدنيا كقتلهم ببدر والقحط سبع سنين. { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ذَلِكَ.

{ وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ } بإمهالهم وإبقائك في عنائهم. { فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } في حفظنا بحيث نراك ونكلؤك وجمع العين لجمع الضمير والمبالغة بكثرة أسباب الحفظ. { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ حِينَ تَقُومُ } من أي مكان قمت أو من منامك أو إلى الصلاة.

{ وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَسَبّحْهُ } فإن العبادة فيه أشق على النفس وأبعد من الرياء، ولذلك أفرده بالذكر وقدمه على الفعل { وَإِدْبَـٰرَ ٱلنُّجُومِ } وإذا أدبرت النجوم من آخر الليل، وقرىء بالفتح أي في أعقابها إذا غربت أو خفيت. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة والطور كان حقاً على الله أن يؤمنه من عذابه وأن ينعمه في جنته" .