التفاسير

< >
عرض

فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ
١١
وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
١٢
وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
١٣
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
١٤
وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٥
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٦
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٧
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٨
إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ
١٩
تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ
٢٠
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
٢١
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
٢٢
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ
٢٣
-القمر

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ فَفَتَحْنَا أَبْوٰبَ ٱلسَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } منصب، وهو مبالغة وتمثيل لكثرة الأمطار وشدة انصابها، وقرأ ابن عامر ويعقوب ففتحنا بالتشديد لكثرة الأبواب.

{ وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً } وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون متفجرة، وأصله وفجرنا عيون الأرض فغير للمبالغة. { فَالْتَقَى ٱلمَاءُ } ماء السماء وماء الأرض، وقرىء «الماءان» لاختلاف النوعين «الماوان» بقلب الهزة واواً. { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } على حال قدرها الله تعالى في الأزل من غير تفاوت، أو على حال قدرت وسويت وهو أن قدر ما أنزل على قدر ما أخرج، أو على أمر قدره الله تعالى وهو هلاك قوم نوح بالطوفان.

{ وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوٰحٍ } ذات أخشاب عريضة. { وَدُسُرٍ } ومسامير جمع دسار من الدسر، وهو الدفع الشديد وهي صفة للسفينة أقيمت مقامها من حيث أنها كالشرح لها تؤدي مؤداها.

{ تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا } بمرأى منا أي محفوظة بحفظنا. { جَزَاءً لّمَن كَانَ كُفِرَ } أي فعلنا ذلك جزاء لنوح لأنه نعمة كفروها، فإن كل نبي نعمة من الله تعالى ورحمة على أمته، ويجوز أن يكون على حذف الجار وإيصال الفعل إلى الضمير، وقرىء «لِمَنْ كُفِرَ» أي للكافرين.

{ وَلَقَدْ تَّرَكْنَـٰهَا } أي السفينة أو الفعلة. { ءايَةً } يعتبر بها إذ شاع خبرها واشتهر. { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } معتبر، وقرىء «مذتكر» على الأصل، و «مذكر» بقلب التاء ذالاً والإِدغام فيها.

{ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } استفهام تعظيم ووعيد، والنذر يحتمل المصدر والجمع.

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءانَ } سهلناه أو هيأناه من يسر ناقته للسفر إذا رحلها. { لِلذّكْرِ } للادكار والاتعاظ بأن صرفنا فيه أنواع المواعظ والعبر، أو للحفظ بالاختصار وعذوبة اللفظ. { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } متعظ.

{ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } وإنذاري أتى لهم بالعذاب قبل نزوله، أو لمن بعدهم في تعذيبهم.

{ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } بارداً أو شديد الصوت. { فِى يَوْمِ نَحْسٍ } شؤم. { مُّسْتَمِرٌّ } أي استمر شؤمه، أو استمر عليهم حتى أهلكهم، أو على جميعهم كبيرهم وصغيرهم فلم يبق منهم أحداً، أو اشتد مرارته وكان يوم الاربعاء آخر الشهر.

{ تَنزِعُ ٱلنَّاسَ } تقلعهم، روي أنهم دخلوا في الشعاب والحفر وتمسك بعضهم ببعض فنزعتهم الريح منها وصرعتهم موتى. { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } أصول نخل منقلع عن مغارسه ساقط على الأرض. وقيل شبهوا بالاعجاز لأن الريح طيرت رؤوسهم وطرحت أجسادهم، وتذكير { مُّنقَعِرٍ } للحمل على اللفظ، والتأنيث في قوله { أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } للمعنى.

{ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ } كرره للتهويل. وقيل الأول لما حاق بهم في الدنيا، والثاني لما يحيق بهم في الآخرة كما قال أيضاً في قصتهم { لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ }

[فصلت: 16] { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءانَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } بالإِنذارات والمواعظ، أو الرسل.