التفاسير

< >
عرض

فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٢٥
كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ
٢٦
وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ
٢٧
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٢٨
يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ
٢٩
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٠
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ
٣١
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٢
يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ
٣٣
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٤
يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ
٣٥
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٦
-الرحمن

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } من خلق مواد السفن والإِرشاد إلى أخذها وكيفية تركيبها وإجرائها في البحر بأسباب لا يقدر على خلقها وجمعها غيره.

{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا } من على الأرض من الحيوانات أو المركبات و { مِنْ } للتغليب، أو من الثقلين. { فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبّكَ } ذاته ولو استقريت جهات الموجودات وتفحصت وجوهها وجدتها بأسرها فانية في حد ذاتها إلا وجه الله أي الوجه الذي يلي جهته. { ذُو ٱلْجَلْـٰلِ وَٱلإكْرَامِ } ذو الاستغناء المطلق والفضل العام.

{ فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } أي مما ذكرنا قبل من بقاء الرب وإبقاء ما لا يحصى مما هو على صدد الفناء رحمة وفضلاً، أو مما يترتب على فناء الكل من الإِعادة والحياة الدائمة والنعيم المقيم.

{ يَسْأَلُهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } فَإِنَهم مفتقرون إليه في ذواتهم وصفاتهم وسائر ما يهمهم، ويعن لهم المراد بالسؤال ما يدل على الحاجة إلى تحصيل الشيء في ذواتهم وصفاتهم نطقاً كان أو غيره. { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ } كل وقت يحدث أشخاصاً ويحدد أحوالاً على ما سبق به قضاؤه، وفي الحديث "من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين" وهو رد لقول اليهود إن الله لا يقضي يوم السبت شيئاً.

{ فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } أي مما يسعف به سؤالكما وما يخرج لكما من مكمن العدم حيناً فحيناً.

{ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلثَّقَلاَنِ } آي سنتجرد لحسابكم وجزائكم وذلك يوم القيامة، فإنه تعالى لا يفعل فيه غيره وقيل تهديد مستعار من قولك لمن تهدده سأفرغ لك، فإن المتجرد للشيء كان أقوى عليه وأجد فيه، وقرأ حمزة والكسائي بالياء وقريء «سنفرغ إليكم» أي سنقصد إليكم. و { ٱلثَّقَلاَنِ } الإِنس والجن سميا بذلك لثقلهما على الأرض أو لرزانة رأيهما وقدرهما، أو لأنهما مثقلان بالتكليف.

{ فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ يَا مَعْشَرَ الجنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ } إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من الله فارين من قضائه. { فَٱنفُذُواْ } فاخرجوا. { لاَ تَنفُذُونَ } لا تقدرون على النفوذ. { إِلاَّ بِسُلْطَـٰنٍ } إلا بقوة وقهر وأنى لكم ذلك، أو إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا ما في السموات والأرض { فَٱنفُذُواْ } لتعلموا لكن { لاَ تَنفُذُونَ } ولا تعلمون إلا ببينة نصبها الله تعالى فتعرجون عليها بأفكاركم.

{ فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } أي من التنبيه والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة، أو مما نصب من المصاعد العقلية والمعارج النقلية فتنفذون بها إلى ما فوق السموات العلا.

{ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ } لهب. { مّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ } ودخان قال:

تُضِيءُ كَضَوْءِ السِرَاجِ السَّلِيـ ـطِ لَمْ يَجْعَلِ الله فِيهِ نُحَاساً

أو صفر مذاب يصب على رؤوسهم، وقرأ ابن كثير« شوَاظٌ » بالكسر وهو لغة «وَنُحَاس» بالجر عطفاً على { نَّارٍ }، ووافقه فيه أبو عمرو ويعقوب في رواية، وقرىء «ونحس» وهو جمع كلحف. { فَلاَ تَنتَصِرَانِ } فلا تمتنعان.

{ فَبِأَىّ ءَالاءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } فإن التهديد لطف والتمييز بين المطيع والعاصي بالجزاء والانتقام من الكفار في عداد الآلاء.