التفاسير

< >
عرض

كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ
٢٣
جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٤
لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً
٢٥
إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً
٢٦
وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ
٢٧
فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ
٢٨
وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ
٢٩
وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ
٣٠
وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ
٣١
وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ
٣٢
لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ
٣٣
وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ
٣٤
إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً
٣٥
فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً
٣٦
عُرُباً أَتْرَاباً
٣٧
لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ
٣٨
ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ
٣٩
وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ
٤٠
وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ
٤١
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ
٤٢
وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ
٤٣
لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ
٤٤
إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ
٤٥
وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ
٤٦
وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
٤٧
أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ
٤٨
-الواقعة

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ كَأَمْثَـٰلِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } المصون عما يضربه في الصفاء والنقاء.

{ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي يفعل ذلك كله بهم جزاء بأعمالهم.

{ لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } باطلاً. { وَلاَ تَأْثِيماً } ولا نسبة إلى الإِثم أي لا يقال لهم أثمتم.

{ إِلاَّ قِيلاً } أي قولاً. { سَلَـٰماً سَلَـٰماً } بدل من { قِيلاً } كقوله تعالى: { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلَـٰماً } [مريم: 62] أو صفته أو مفعوله بمعنى إلا أن يقولوا سلاماً، أو مصدر والتكرير للدلالة على فشو السلام بينهم. وقرىء «سلام سلام» على الحكاية.

{ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْيَمِينِ مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْيَمِينِ فِى سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } لا شوك فيه من خضد الشوك إذا قطعه، أو مثني أغصانه من كثرة حمله من خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب.

{ وَطَلْحٍ } وشجر موز، أو أم غيلان وله أنوار كثيرة طيبة الرائحة، وقرىء بالعين. { مَّنْضُودٍ } نضد حمله من أسفله إلى أعلاه.

{ وَظِلّ مَّمْدُودٍ } منبسط لا يتقلص ولا يتفاوت.

{ وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ } يسكب لهم أين شاؤوا وكيف شاؤوا بلا تعب، أو مصبوب سائل كأنه لما شبه حال السابقين في التنعم بأعلى ما يتصور لأهل المدن شبه حال أصحاب اليمين بأكمل ما يتمناه أهل البوادي إشعاراً بالتفاوت بين الحالين.

{ وَفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } كثيرة الأجناس.

{ لاَّ مَقْطُوعَةٍ } لا تنقطع في وقت. { وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } لا تمنع عن متناولها بوجه.

{ وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } رفيعة القدر أو منضدة مرتفعة. وقيل الفرش النساء وارتفاعها أنها على الأرائك، ويدل عليه قوله:

{ إِنَّا أَنشَأْنَـٰهُنَّ إِنشَاءً } أي ابتدأناهن ابتداء جديداً من غير ولادة إبداء أو إعادة. وفي الحديث "هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطاً رمصاً، جعلهن الله بعد الكبر أتراباً على ميلاد واحد، كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكاراً"

{ فَجَعَلْنَـٰهُنَّ أَبْكَـٰراً }. { عُرُباً } متحببات إلى أزواجهن جمع عروب، وسكن راءه حمزة وأبو بكر وروي عن نافع وعاصم مثله. { أَتْرَاباً } فإن كلهن بنات ثلاث وثلاثين وكذا أزواجهن.

{ لأَِصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ } متعلق بـ { أَنشَأْنَا } أو «جعلنا»، أو صفة لـ { أَبكاراً } أو خبر لمحذوف مثل هن أو لقوله:

{ ثُلَّةٌ مّنَ ٱلأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مّنَ ٱلآخِرِينَ } وهي على الوجه الأول خبر محذوف.

{ وَأَصْحَـٰبُ ٱلشّمَالِ مَا أَصْحَـٰبُ ٱلشّمَالِ فِى سَمُومٍ } في حر نار ينفذ في المُسام. { وَحَمِيمٍ } وماء متناه في الحرارة.

{ وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ } من دخان أسود يفعول من الحممة.

{ لاَّ بَارِدٍ } كسائر الظل. { وَلاَ كَرِيمٍ } ولا نافع، نفى بذلك ما أوهم الظل من الاسترواح.

{ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } منهمكين في الشهوات.

{ وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } الذنب العظيم يعني الشرك، ومنه بلغ الغلام الحنث أي الحلم ووقت المؤاخذة بالذنب، وحنث في يمينه خلاف بر فيها وتحنث إذا تأثم.

{ وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } كررت الهمزة للدلالة على إنكار البعث مطلقاً وخصوصاً في هذا الوقت كما دخلت العاطفة في قوله:

{ أَوَ ءَابَاؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } للدلالة على ذلك أشد إنكاراً في حقهم لتقادم زمانهم وللفصل بها حسن العطف على المستكن في { لَمَبْعُوثُونَ }، وقرأ نافع وابن عامر { أَوْ } بالسكون وقد سبق مثله، والعامل في الظرف ما دل عليه «مبعوثون» لا هو للفصل بأن والهمزة.