التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ
٦٢
أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ
٦٣
ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ
٦٤
لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ
٦٥
إِنَّا لَمُغْرَمُونَ
٦٦
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
٦٧
أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ
٦٨
ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ
٦٩
لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ
٧٠
أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ
٧١
أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ
٧٢
نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ
٧٣
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٧٤
فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ
٧٥
-الواقعة

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } أن من قدر عليها قدر على النشأة الأخرى فإنها أقل صنعاً لحصول المواد وتخصيص الاجزاء وسبق المثال، وفيه دليل على صحة القياس.

{ أَفَرَءيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } تبذرون حبه .

{ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ } تنبتونه. { أَمْ نَحْنُ ٱلزرِعُونَ } المنبتون.

{ لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَـٰماً } هشيماً. { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } تعجبون أو تندمون على اجتهادكم فيه، أو على ما أصبتم لأجله من المعاصي فتتحدثون فيه،والفكه التنقل بصنوف الفاكهة وقد استعير للتنقل بالحديث، وقرىء «فَظَلْتُمْ» بالكسر و« فظللتم» على الأصل.

{ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } لملزمون غرامة ما أنفقنا، أو مهلكون لهلاك رزقنا من الغرام، وقرأ أبو بكر «أئنا لمغرمون» على الاستفهام.

{ بَلْ نَحْنُ } قوم. { مَحْرُومُونَ } حرمنا رزقنا، أو محدودون لا مجدودون.

{ أَفَرَءيْتُمُ ٱلْمَاءَ ٱلَّذِى تَشْرَبُونَ } أي العذب الصالح للشرب.

{ ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ } من السحاب واحده مزنة، وقيل { ٱلْمُزْنِ } السحاب الأبيض وماؤه أعذب. { أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } بقدرتنا والرؤية إن كانت بمعنى العلم فمتعلقة بالاستفهام.

{ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَـٰهُ أُجَاجاً } ملحاً أو من الأجيج فإنه يحرق الفم، وحذف اللام الفاصلة بين جواب ما يتمحض للشرط وما يتضمن معناه لعلم السامع بمكانها، أو الاكتفاء بسبق ذكرها أو يختص ما يقصد لذاته ويكون أهم وفقده أصعب بمزيد التأكيد. { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } أمثال هذه النعم الضرورية.

{ أَفَرَءيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِى تُورُونَ } تقدحون.

{ ءَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } يعني الشجرة التي منها الزناد.

{ نَحْنُ جَعَلْنَـٰهَا } جعلنا نار الزناد. { تَذْكِرَةً } تبصرة في أمر البعث كما مر في سورة «يس»، أو في الظلام أو تذكيراً وأنموذجاً لنار جهنم. { وَمَتَـٰعاً } ومنفعة. { لّلْمُقْوِينَ } الذين ينزلون القواء وهي القفر، أو للذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام، من أقوت الدار إذا خلت من ساكنيها.

{ فَسَبّحْ بِٱسْمِ رَبّكَ ٱلْعَظِيمِ } فأحدث التسبيح بذكر اسمه تعالى أو بذكره فإن إطلاق اسم الشيء ذكره والعظيم صفة للاسم أو الرب، وتعقيب الأمر بالتسبيح لما عدد من بدائع صنعه وإنعامه إما لتنزيهه تعالى عما يقول الجاحدون لوحدانيته الكافرون لنعمته، أو للتعجب من أمرهم في غمط نعمه، أو للشكر على ما عدها من النعم.

{ فَلاَ أُقْسِمُ } إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم، أو فأقسم و «لا» مزيدة للتأكيد كما في { لّئَلاَّ يَعْلَمَ } [الحديد: 29] أو فلأنا أقسم فحذف المبتدأ وأشبع فتحة لام الابتداء، ويدل عليه قراءة { فَلاَ أُقْسِمُ } أو { فَلا } رد لكلام يخالف المقسم عليه. { بِمَوٰقِعِ ٱلنُّجُومِ } بمساقطها، وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره، أو بمنازلها ومجاريها. وقيل النجوم نجوم القرآن ومواقعها أوقات نزولها، وقرأ حمزة والكسائي بموقع.