التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
٧٦
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ
٧٧
فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ
٧٨
لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ
٧٩
تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٨٠
أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ
٨١
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ
٨٢
فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ
٨٣
وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ
٨٤
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ
٨٥
فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ
٨٦
تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٨٧
فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ
٨٨
فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ
٨٩
وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ
٩٠
فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ
٩١
وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ
٩٢
فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ
٩٣
وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ
٩٤
إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ
٩٥
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٩٦
-الواقعة

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } لما في المقسم به من الدلالة على عظم القدرة وكمال الحكمة وفرط الرحمة، ومن مقتضيات رحمته أن لا يترك عباده سدى، وهو اعتراض في اعتراض فإنه اعتراض بين القسم والمقسم عليه، و { لَّوْ تَعْلَمُونَ } اعتراض بين الموصوف والصفة.

{ إِنَّهُ لَقُرْءانٌ كَرِيمٌ } كثير النفع لاشتماله على أصول العلوم المهمة في إصلاح المعاش والمعاد، أو حسن مرضي في جنسه.

{ فِى كِتَـٰبٍ مَّكْنُونٍ } مصون وهو اللوح المحفوظ.

{ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } لا يطلع على اللوح إلا المطهرون من الكدورات الجسمانية وهم الملائكة، أو لا يمس القرآن { إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } من الأحداث فيكون نفياً بمعنى النهي، أو لا يطلبه { إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } من الكفر، وقرىء «المتَطَهِرُونَ» و «ٱلْمُطَهَّرُونَ » من أطهره بمعنى طهره و «ٱلْمُطَهَّرُونَ» أي أنفسهم أو غيرهم بالاستغفار لهم والإِلهام.

{ تَنزِيلٌ مّن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } صفة ثالثة أو رابعة للقرآن، وهو مصدر نعت به وقرىء بالنصب أي نزل تنزيلاً.

{ أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } يعني القرآن. { أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } متهاونون به كمن يدهن في الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاوناً به.

{ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ } أي شكر رزقكم. { أَنَّكُمْ تُكَذّبُونَ } أي بمانحه حيث تنسبونه إلى الأنواء، وقرىء «شكركم» أي تجعلون شكركم لنعمة القرآن أنكم تكذبون به وتكذبون أي بقولكم في القرآن أنه سحر وشعر، أو في المطر أنه من الأنواء.

{ فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } أي النفس.

{ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } حالكم، والخطاب لمن حول المحتضر والواو للحال.

{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ } أي ونحن أعلم. { إِلَيْهِ } إلى المحتضر. { مّنكُمْ } عبر عن العلم بالقرب الذي هو أقوى سبب الاطلاع. { وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } لا تدركون كنه ما يجري عليه.

{ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } أي مجزيين يوم القيامة أو مملوكين مقهورين من دانه إذا أذله واستعبده، وأصل التركيب للذل والانقياد.

{ تَرْجِعُونَهَا } ترجعون النفس إلى مقرها وهو عامل الظرف والمحضض عليه بـ { فَلَوْلا } الأولى والثانية تكرير للتوكيد وهي بما في حيزها دليل جواب الشرط، والمعنى إن كنتم غير مملوكين مجزيين كما دل عليه جحدكم أفعال الله وتكذيبكم بآياته. { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في أباطيلكم { فَلَوْلا } ترجعون الأرواح إلى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم.

{ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } أي إن كان المتوفى من السابقين.

{ فَرَوْحٌ } فله استراحة وقرىء «فَرَوْحٌ» بالضم وفسر بالرحمة لأنها كالسبب لحياة المرحوم وبالحياة الدائمة. { وَرَيْحَانٌ } ورزق طيب. { وَجَنَّـةُ نَعِيمٍ } ذات تنعم.

{ وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ فَسَلَـٰمٌ لَّكَ } يا صاحب اليمين. { مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ } أي من إخوانك يسلمون عليك.

{ وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذّبِينَ ٱلضَّالّينَ } يعني أصحاب الشمال، وإنما وصفهم بأفعالهم زجراً عنها وإشعاراً بما أوجب لهم ما أوعدهم به.

{ فَنُزُلٌ مّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } وذلك ما يجد في القبر من سموم النار ودخانها.

{ إِنَّ هَذَا } أي الذي ذكر في السورة أو في شأن الفرق. { لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } أي حق الخبر اليقين.

{ فَسَبّحْ بِٱسْمِ رَبّكَ ٱلْعَظِيمِ } فنزهه بذكر اسمه تعالى عما لا يليق بعظمه شأنه.

عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً" .