التفاسير

< >
عرض

سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١
لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢
هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
٣
هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٤
-الحديد

انوار التنزيل واسرار التأويل

مدنية وقيل مكية وآيها تسع وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ذكر ها هنا وفي «الحشر» و «الصف» بلفظ الماضي، وفي «الجمعة» و «التغابن» بلفظ المضارع إشعاراً بأن من شأن ما أسند إليه أن يسبحه في جميع أوقاته، لأنه دلالة جِبِلِّية لا تختلف باختلاف الحالات، ومجيء المصدر مطلقاً في «بني إسرائيل» أبلغ من حيث إنه يشعر بإطلاقه على استحقاق التسبيح من كل شيء وفي كل حال، وإنما عدي باللام وهو متعد بنفسه مثل نصحت له في نصحته إشعاراً بأن إيقاع الفعل لأجل الله وخالصاً لوجهه. { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } حال يشعر بما هو المبدأ للتسبيح.

{ لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } فإنه الموجد لها والمتصرف فيها. { يُحْيِي وَيُمِيتُ } استئناف أو خبر لمحذوف { وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْءٍ } من الإِحياء والإِماتة وغيرهما. { قَدِيرٌ } تام القدرة.

{ هُوَ ٱلأَوَّلُ } السابق على سائر الموجودات من حيث إنه موجدها ومحدثها. { وَٱلآخِرُ } الباقي بعد فنائها ولو بالنظر إلى ذاتها مع قطع النظر عن غيرها، أو { هُوَ ٱلأوَّلُ } الذي تبتدىء منه الأسباب وتنتهي إليه المسببات، أو { ٱلأوَّلِ } خارجاً و{ ٱلآخِرِ } ذهناً. { وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلْبَـٰطِنُ } الظاهر وجوده لكثرة دلائله والباطن حقيقة ذاته فلا تكتنهها العقول، أو الغالب على كل شيء والعالم بباطنه والواو الأولى والأخيرة للجمع بين الوصفين، والمتوسطة للجمع بين المجموعين. { وَهُوَ بِكُلّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } يستوي عنده الظاهر والخفي.

{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى ٱلأَرْضِ } كالبذور. { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } كالزروع. { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ } كالأمطار. { وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } كالأبخرة. { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ } لا ينفك علمه وقدرته عنكم بحال. { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيكم عليه، ولعل تقديم الخلق على العلم لأنه دليل عليه.