{ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً } نوعاً من العذاب متفاقماً. { إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فتمرنوا على سوء العمل وأصروا عليه.
{ ٱتَّخَذْواْ أَيْمَـٰنَهُمْ } أي التي حلفوا بها، وقرىء بالكسر أي «أَيْمَـٰنِهِمْ» الذي أظهروه. { جُنَّةً } وقاية دون دمائهم وأموالهم. { فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } فصدوا الناس في خلال أمنهم عن دين الله بالتحريش والتثبيط. { فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } وعيد ثان بوصف آخر لعذابهم. وقيل الأول عذاب القبر وهذا عذاب الآخرة.
{ لَّن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ مّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } قد سبق مثله.
{ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهِ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ } أي لله تعالى على أنهم مسلمون. { كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } في الدنيا ويقولون إنهم لمنكم. { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَىْء } في حلفهم الكاذب لأن تمكن النفاق في نفوسهم بحيث يخيل إليهم في الآخرة أن الأيمان الكاذبة تروج الكذب على الله كما تروجه عليكم في الدنيا. { أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ } البالغون الغاية في الكذب حيث يكذبون مع عالم الغيب والشهادة ويحلفون عليه.
{ ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } استولى عليهم من حذت الإِبل وأحذتها إذا استوليت عليها، وهو مما جاء على الأصل. { فَأَنسَـٰهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ } لا يذكرونه بقلوبهم ولا بألسنتهم. { أُوْلَـئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَـٰنِ } جنوده وأتباعه. { أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَـٰنِ هُمُ الخَـٰسِرُونَ } لأنهم فوتوا على أنفسهم النعيم المؤبد وعرضوها للعذاب المخلد.
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ فِى ٱلأَذَلّينَ } في جملة من هو أذل خلق الله.
{ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ } في اللوح. { لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } أي بالحجة، وقرأ نافع وابن عامر «رُسُلِى» بفتح الياء. { إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ } على نصر أنبيائه. { عَزِيزٌ } لا يغلب عليه شيء في مراده.
{ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي لا ينبغي أن تجدهم وادين أعداء الله، والمراد أنه لا ينبغي أن يوادوهم. { وَلَوْ كَانُواْ ءَابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوٰنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } ولو كان المحادون أقرب الناس إليهم. { أُوْلَـٰئِكَ } أي الذين لم يوادوهم. { كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلإيمَـٰنَ } أثبته فيها، وهو دليل على خروج العمل من مفهوم الإِيمان، فإن جزء الثابت في القلب يكون ثابتاً فيه، وأعمال الجوارح لا تثبت فيه. { وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ } أي من عند الله وهو نور القلب أو القرآن، أو بالنصر على العدو. قيل الضمير لـ { ٱلإِيْمَـٰنَ } فإنه سبب لحياة القلب. { وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا رَضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } بطاعتهم. { وَرَضُواْ عَنْهُ } بقضائه أو بما وعدهم من الثواب. { أُوْلَـئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ } جنده وأنصار دينه. { أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } الفائزون بخير الدارين.
عن النبي صلى الله عليه وسلم
"من قرأ سورة المجادلة كتب من حزب الله يوم القيامة" .