{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } ليوم القيامة سماه به لدنوه أو لأن الدنيا كيوم والآخرة كغده، وتنكيره للتعظيم وأما تنكير النفس فلاستقلال الأنفس النواظر فيما قدمن للآخرة كأنه قال: فلتنظر نفس واحدة في ذلك. {وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ} تكرير للتأكيد، أو الأول في أداء الواجبات لأنه مقرون بالعمل والثاني في ترك المحارم لاقترانه بقوله: {إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} وهو كالوعيد على المعاصي.
{وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ } نسوا حقه. {فَأَنسَـٰهُمْ أَنفُسَهُمْ} فجعلهم ناسين لها حتى لم يسمعوا ما ينفعها ولم يفعلوا ما يخلصها، أو أراهم يوم القيامة من الهول ما أنساهم أنفسهم. {أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ} الكاملون في الفسوق.
{لاَ يَسْتَوِى أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ} الذين استكملوا نفوسهم فاستأهلوا الجنة والذين استمهنوها فاستحقوا النار، واحتج به أصحابنا على أن المسلم لا يقتل بالكافر. {أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ} بالنعيم المقيم.
{لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَـٰشِعاً مُّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } تمثيل وتخييل كما مر في قوله:
{ إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ } [الأحزاب: 72] ولذلك عقبه بقوله: {وَتِلْكَ ٱلأَمْثَـٰلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} فإن الإِشارة إليه وإلى أمثاله. والمراد توبيخ الإِنسان على عدم تخشعه عند تلاوة القرآن لقساوة قلبه وقلة تدبره، والتصدع التشقق. وقرىء «مصدعاً» على الإِدغام. {هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } ما غاب عن الحس من الجواهر القدسية وأحوالها، وما حضر له من الأجرام وأعراضها، وتقديم {ٱلْغَيْبَ } لتقدمه في الوجود وتعلق العلم القديم به، أو المعدوم والموجود، أو السر والعلانية. وقيل الدنيا والآخرة. {هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ}.
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ} البالغ في النزاهة عما يوجب نقصاناً. وقرىء بالفتح وهو لغة فيه. {ٱلسَّلَـٰمُ} ذو السلامة من كل نقص وآفة، مصدر وصف به للمبالغة. {ٱلْمُؤْمِنُ} واهب الأمن، وقرىء بالفتح بمعنى المؤمن به على حذف الجار. {ٱلْمُهَيْمِنُ} الرقيب الحافظ لكل شيء مفيعل من الأمن قلبت همزته هاء. {ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ} الذي جبر خلقه على ما أراده، أو جبر حالهم بمعنى أصلحه. {ٱلْمُتَكَبّرُ} الذي تكبر عن كل ما يوجب حاجة أو نقصاناً. {سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} إذ لا يشركه في شيء من ذلك.
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَـٰلِقُ} المقدر للأشياء على مقتضى حكمته. {البَارِيءُ} الموجد لها بريئاً من التفاوت. {ٱلْمُصَوّرُ} الموجد لصورها وكيفياتها كما أراد. (ومن أراد الإِطناب في شرح هذه الأسماء وأخواتها فعليه بكتابي المسمى بمنتهى المنى). {لَهُ ٱلأَسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ} لأنها دالة على محاسن المعاني. {يُسَبّحُ لَهُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ} لتنزهه عن النقائص كلها. {وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ} الجامع للكمالات بأسرها فإنها راجعة إلى الكمال في القدرة والعلم.
عن النبي صلى الله عليه وسلم
" من قرأ سورة الحشر غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" .