التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٧
قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٩
فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٠
وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
١١
-الجمعة

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ } بسبب ما قدموا من الكفر والمعاصي. { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّـٰلِمينَ } فيجازيهم على أعمالهم.

{ قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ } وتخافون أن تتمنوه بلسانكم مخافة أن يصيبكم فتؤخذوا بأعمالكم. { فَإِنَّهُ مُلَـٰقِيكُمْ } لاحق بكم لا تفوتونه، والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط باعتبار الوصف، وكأن فرارهم يسرع لحوقه بهم. وقد قرىء بغير فاء ويجوز أن يكون الموصول خبراً والفاء عاطفة. { ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } بأن يجازيكم عليه.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوٰةِ } أي إذا أذن لها. { مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } بيان لـ { إِذَا } وإنما سمي جمعة لاجتماع الناس فيه للصلاة، وكانت العرب تسميه العروبة. وقيل سماه كعب بن لؤي لاجتماع الناس فيه إليه، وأول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما قدم المدينة نزل قباء فأقام بها إلى الجمعة، ثم دخل المدينة وصلى الجمعة في واد لبني سالم بن عوف. { فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } فامضوا إليه مسرعين قصداً فإن السعي دون العدو، والـ { ذُكِرَ } الخطبة، وقيل الصلاة والأمر بالسعي إليها يدل على وجوبها. { وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } واتركوا المعاملة. { ذٰلِكُمْ } أي السعي إلى ذكر الله. { خَيْرٌ لَّكُمْ } من المعاملة فإن نفع الآخرة خير وأبقى. { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } الخير والشر الحقيقيين، أو إن كنتم من أهل العلم.

{ فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ } أديت وفرغ منها. { فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } إطلاق لما حظر عليهم، واحتج به من جعل الأمر بعد الحظر للإباحة. وفي الحديث "ابتغوا من فضل الله ليس بطلب الدنيا وإنما هو عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله" { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } واذكروه في مجامع أحوالكم ولا تخصوا ذكره بالصلاة. { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } بخير الدارين.

{ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَـٰرَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّواْ إِلَيْهَا } روي أنه عليه الصلاة والسلام كان يخطب للجمعة فمرت عليه عير تحمل الطعام، فخرج الناس إليهم إلا اثني عشر رجلاً فنزلت. وإفراد التجارة برد الكناية لأنها المقصودة، فإن المراد من اللهو الطبل الذي كانوا يستقبلون به العير، والترديد للدلالة على أن منهم من انفض لمجرد سماع الطبل ورؤيته، أو للدلالة على أن الإنفضاض إلى التجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموماً كان الانفضاض إلى اللهو أَولى بذلك. وقيل تقديره إذا رأوا تجارة انفضوا إليها وإذا رأوا لهواً انفضوا إليه. { وَتَرَكُوكَ قَائِماً } أي على المنبر. { قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ } من الثواب. { خَيْرٌ مّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتّجَـٰرَةِ } فإن ذلك محقق مخلد بخلاف ما تتوهمون من نفعهما { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرزِقِينَ } فتوكلوا عليه واطلبوا الرزق منه.

عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة الجمعة أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة ومن لم يأتها في أمصار المسلمين" .