التفاسير

< >
عرض

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلْمَلِكِ ٱلْقُدُّوسِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ
١
هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢
وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٣
ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٤
مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٥
قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦
-الجمعة

انوار التنزيل واسرار التأويل

مدنية وآيها إحدى وعشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{يُسَبّحُ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلْمَلِكِ ٱلْقُدُّوسِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ} وقد قرىء الصفات الأربع بالرفع على المدح.

{هُوَ ٱلَّذِى بَعَثَ فِى ٱلأُمّيّينَ} أي في العرب لأن أكثرهم لا يكتبون ولا يقرؤون. {رَسُولاً مّنْهُمْ } من جملتهم أمياً مثلهم. {يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِهِ} من كونه أمياً مثلهم لم يعهد منه قراءة ولا تعلم. {وَيُزَكّيهِمْ } من خبائث العقائد والأعمال. {وَيُعَلّمُهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ } القرآن والشريعة، أو معالم الدين من المنقول والمعقول، ولو لم يكن له سواه معجزة لكفاه. {وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } من الشرك وخبث الجاهلية، وهو بيان لشدة احتياجهم إلى نبي يرشدهم، وإزاحة لما يتوهم أن الرسول تعلم ذلك من معلم، و {إن } هي المخففة واللام تدل عليها.

{وَءاخَرِينَ مِنْهُمْ } عطف على {ٱلأمّيّينَ }، أو المنصوب في {يَعْلَمُهُمْ } وهم الذين جاؤوا بعد الصحابة إلى يوم الدين، فإن دعوته وتعليمه يعم الجميع. {لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون. {وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } في تمكينه من هذا الأمر الخارق للعادة. {ٱلْحَكِيمُ } في اختياره وتعليمه.

{ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ } ذلك الفضل الذي امتاز به عن أقرانه فضله. {يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } تفضلاً وعطية. {وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } الذي يستحقر دونه نعيم الدنيا، أو نعيم الآخرة أو نعميهما.

{مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ } علموها وكلفوا العمل بها. {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا } لم يعملوا بها أو لم ينتفعوا بما فيها. {كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } كتباً من العلم يتعب في حملها ولا ينتفع بها، ويحمل حال والعامل فيه معنى المثل أو صفة إذ ليس المراد من {ٱلْحِمَارِ } معيناً. {بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ } أي مثل الذين كذبوا وهم اليهود المكذبون بآيات الله الدالة على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، ويجوز أن يكون الذين صفة للقوم والمخصوص بالذم محذوفاً. {وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ }.

{قُلْ يٰ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُواْ } تهودوا. {إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ } إذ كانوا يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه. {فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } فتمنوا من الله أن يميتكم وينقلكم من دار البلية إلى محل الكرامة. {إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في زعمكم.