التفاسير

< >
عرض

إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ
١
ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ
٣
وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
٤
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ
٥
-المنافقون

انوار التنزيل واسرار التأويل

مدنية وآيها إحدى عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ إِذَا جَاءكَ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ } الشهادة إخبار عن علم من الشهود وهو الحضور والاطلاع، ولذلك صدق المشهور به وكذبهم في الشهادة بقوله: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ لَكَـٰذِبُونَ } لأنهم لم يعتقدوا ذلك.

{ ٱتَّخَذْواْ أَيْمَـٰنَهُمْ } حلفهم الكاذب أو شهادتهم هذه، فإنها تجري مجرى الحلف في التوكيد، وقرىء «إيمانهم» { جُنَّةُ } وقاية من القتل والسبي. { فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } صداً أو صدوداً. { إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } من نفاقهم وصدهم.

{ ذٰلِكَ } إشارة إلى الكلام المتقدم أي ذلك القول الشاهد على سوء أعمالهم، أو إلى الحال المذكورة من النفاق والكذب والاستجنان بالإِيمان. { بِأَنَّهُمْ آمَنُوا } بسبب أنهم آمنوا ظَاهراً. { ثُمَّ كَفَرُواْ } سراً، أو { ءامَنُواْ } إذا رأوا آية { ثُمَّ كَفَرُواْ } حيثما سمعوا من شياطينهم شبهة. { فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } حتى تمرنوا على الكفر فاستحكموا فيه. { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } حقية الإِيمان ولا يعرفون صحته.

{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَـٰمُهُمْ } لضخامتها وصباحتها. { وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } لذلاقتهم وحلاوة كلامهم، وكان ابن أبيّ جسيما فصيحاً يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمع مثله، فيعجب بهيكلهم ويصغي إلى كلامهم. { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } حال من الضمير المجرور في { قَوْلُهُمْ } أي تسمع لما يقولونه مشبهين بأخشاب منصوبة مسندة إلى الحائط في كونهم أشباحاً خالية عن العلم والنظر، وقيل الـ { خُشُبٌ } جمع خشباء وهي الخشبة التي نُخِرَ جَوْفُهَا، شبهوا بها في حسن المنظر وقبح المخبر، وقرأ أبو عمرو والكسائي وقنبل عن ابن كثير بسكون الشين على التخفيف، أو على أنه كبدن في جمع بدنة { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } أي واقعة عليهم لجبنهم واتهامهم، فـ { عَلَيْهِمْ } ثاني مفعولي { يَحْسَبُونَ }، ويجوز أن يكون صلته والمفعول: { هُمُ ٱلْعَدُوُّ } وعلى هذا يكون الضمير للكل وجمعه بالنظر إلى الخبر لكن ترتب قوله: { فَٱحْذَرْهُمْ } عليه يدل على أن الضمير للمنافقين. { قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ } دعاء عليهم وهو طلب من ذاته أن يلعنهم، أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك. { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } كيف يصرفون عن الحق.

{ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُؤُوُسَهُمْ } عطفوها إعراضاً واستكبارً عن ذلك، وقرأ نافع بتخفيف الواو. { رُءوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ } يعرضون عن الاستغفار. { وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } عن الاعتذار.