التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٠
مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
١١
وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَولَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ
١٢
ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٣
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٤
إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٥
فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٦
إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ
١٧
عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
١٨
-التغابن

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } كأنها والآية المتقدمة بيان لـ { ٱلتَّغَابُنِ } وتفصيل له.

{ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } إلا بتقديره وإرادته. { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ } للثبات والاسترجاع عند حلولها، وقرىء { يَهْدِ قَلْبَهُ } بالرفع على إقامته مقام الفاعل وبالنصب على طريقة { سَفِهَ نَفْسَهُ } [البقرة: 130] ويهدأ بالهمزة أي يسكن. { وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ } حتى القلوب وأحوالها.

{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَولَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } أي فإن توليتم فلا بأس عليه إذ وظيفته التبليغ وقد بلغ.

{ ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } لأن إيمانهم بأن الكل منه يقتضي ذلك.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّ مِنْ أَزْوٰجِكُمْ وَأَوْلـٰدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ } يشغلكم عن طاعة الله أو يخاصمكم في أمر االدين أو الدنيا. { فَٱحْذَرُوهُمْ } ولا تأمنوا غوائلهم. { وَأَن تَعْفُواْ } عن ذنوبهم بترك المعاقبة. { وَتَصْفَحُواْ } بالإِعراض وترك التثريب عليها. { وَتَغْفِرُواْ } بإخفائها وتمهيد معذرتهم فيها. { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يعاملكم بمثل ما عملتم ويتفضل عليكم.

{ إِنَّمَا أَمْوٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ } اختبار لكم. { وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } لمن آثر محبة الله وطاعته على محبة الأموال والأولاد والسعي لهم.

{ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } أي ابذلوا في تقواه جهدكم وطاقتكم. { وَٱسْمَعُواْ } مواعظه. { وَأَطِيعُواْ } أوامره. { وَأَنْفِقُواْ } في وجوه الخير خالصاً لوجهه. { خَيْرًا لأَِنْفُسِكُمْ } أي افعلوا ما هو خير لها، وهو تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر، ويجوز أن يكون صفة مصدر محذوف تقديره: انفاقاً خيراً أو خبراً لكان مقدراً جواباً للأوامر. { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } سبق تفسيره.

{ إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ } تصرفوا المال فيما أمره. { قَرْضًا حَسَنًا } مقروناً بإخلاص وطيب قلب. { يُضَـٰعِفْهُ لَكُمْ }. يجعل لكم بالواحد عشراً إلى سبعمائة وأكثر، وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب «يضعفه لكم». { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ببركة الإنفاق. { وَٱللَّهُ شَكُورٌ } يعطي الجزيل بالقليل. { حَلِيمٌ } لا يعاجل بالعقوبة.

{ عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } لا يخفي عليه شيء. { ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } تام القدرة والعلم.

عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة التغابن دفع عنه موت الفجأة" والله أعلم.