{بَلْ نَحْنُ} أي بعد ما تأملوه وعرفوا أنها هي قالوا {بَلْ نَحْنُ} {مَحْرُومُونَ} حرمنا خيرها لجنايتنا على أنفسنا.
{قَالَ أَوْسَطُهُمْ} رأياً، أو سناً. {أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبّحُونَ} لولا تذكرونه وتتوبون إليه من خبث نيتكم، وقد قاله حينما عزموا على ذلك ويدل على هذا المعنى.
{قَالُواْ سُبْحَـٰنَ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ} أي لولا تستثنون فسمي الاستثناء تسبيحاً لتشاركهما في التعظيم، أو لأنه تنزيه على أن يجري في ملكه ما لا يريده.
{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَـٰوَمُونَ} يلوم بعضهم بعضاً فإن منهم من أشار بذلك ومنهم من استصوبه، ومنهم من سكت راضياً، ومنهم من أنكره.
{قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَـٰغِينَ} متجاوزين حدود الله تعالى.
{عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مّنْهَا } ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة. وقد روي أنهم أبدلوا خيراً منها وقرىء {يُبْدِلَنَا} بالتخفيف. {إِنَّا إِلَىٰ رَبّنَا رٰغِبُونَ} راجون العفو طالبون الخير و {إِلَىٰ} لانتهاء الرغبة، أو لتضمنها معنى الرجوع.
{كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ} مثل ذلك العذاب الذي بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة العذاب في الدنيا. {وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ} أعظم منه. {لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} لاحترزوا عما يؤديهم إلى العذاب.
{إِنَّ لّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبّهِمْ} أي في الآخرة، أو في جوار القدس. {جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ} جنات ليس فيها إلا التنعم الخالص.
{أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ} إنكار لقول الكفرة، فإنهم كانوا يقولون: إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد ومن معه لم يفضلونا بل نكون أحسن حالاً منهم كما نحن عليه في الدنيا.
{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} التفات فيه تعجب من حكمهم واستبعاد له، وإشعار بأنه صادر من اختلال فكر واعوجاج رأي.
{أَمْ لَكُمْ كِتَـٰبٌ} من السماء. {فِيهِ تَدْرُسُونَ} تقرأون.
{إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ} إن لكم ما تختارونه وتشتهونه، وأصله «أن لكم» بالفتح لأنه المدروس فلما جيء باللام كسرت، ويجوز أن يكون حكاية للمدروس أو استئنافاً وتخير الشيء واختاره أخذ خيره.
{أَمْ لَكُمْ أَيْمَـٰنٌ عَلَيْنَا} عهود مؤكدة بالإِيمان. {بَـٰلِغَةٌ} متناهية في التوكيد، وقرئت بالنصب على الحال والعامل فيها أحد الظرفين. {إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ} متعلق بالمقدر في {لَكُمْ} أي ثابتة لكم علينا إلى يوم القيامة لا نخرج عن عهدتها حتى نحكمكم في ذلك اليوم، أو بـ {بَـٰلِغَةٌ} أي أيمان تبلغ ذلك اليوم. {إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} جواب القسم لأن معنى أم لكم أيمان علينا أم أقسمنا لكم.