التفاسير

< >
عرض

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
٢٧
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ
٢٨
قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
٢٩
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ
٣٠
قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ
٣١
عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ
٣٢
كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٣٣
إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ
٣٤
أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ
٣٥
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
٣٦
أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ
٣٧
إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ
٣٨
أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ
٣٩
-القلم

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ بَلْ نَحْنُ } أي بعد ما تأملوه وعرفوا أنها هي قالوا { بَلْ نَحْنُ } { مَحْرُومُونَ } حرمنا خيرها لجنايتنا على أنفسنا.

{ قَالَ أَوْسَطُهُمْ } رأياً، أو سناً. { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبّحُونَ } لولا تذكرونه وتتوبون إليه من خبث نيتكم، وقد قاله حينما عزموا على ذلك ويدل على هذا المعنى.

{ قَالُواْ سُبْحَـٰنَ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } أي لولا تستثنون فسمي الاستثناء تسبيحاً لتشاركهما في التعظيم، أو لأنه تنزيه على أن يجري في ملكه ما لا يريده.

{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلَـٰوَمُونَ } يلوم بعضهم بعضاً فإن منهم من أشار بذلك ومنهم من استصوبه، ومنهم من سكت راضياً، ومنهم من أنكره.

{ قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَـٰغِينَ } متجاوزين حدود الله تعالى.

{ عَسَىٰ رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مّنْهَا } ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة. وقد روي أنهم أبدلوا خيراً منها وقرىء { يُبْدِلَنَا } بالتخفيف. { إِنَّا إِلَىٰ رَبّنَا رٰغِبُونَ } راجون العفو طالبون الخير و { إِلَىٰ } لانتهاء الرغبة، أو لتضمنها معنى الرجوع.

{ كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ } مثل ذلك العذاب الذي بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة العذاب في الدنيا. { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ } أعظم منه. { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } لاحترزوا عما يؤديهم إلى العذاب.

{ إِنَّ لّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبّهِمْ } أي في الآخرة، أو في جوار القدس. { جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ } جنات ليس فيها إلا التنعم الخالص.

{ أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ } إنكار لقول الكفرة، فإنهم كانوا يقولون: إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد ومن معه لم يفضلونا بل نكون أحسن حالاً منهم كما نحن عليه في الدنيا.

{ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } التفات فيه تعجب من حكمهم واستبعاد له، وإشعار بأنه صادر من اختلال فكر واعوجاج رأي.

{ أَمْ لَكُمْ كِتَـٰبٌ } من السماء. { فِيهِ تَدْرُسُونَ } تقرأون.

{ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ } إن لكم ما تختارونه وتشتهونه، وأصله «أن لكم» بالفتح لأنه المدروس فلما جيء باللام كسرت، ويجوز أن يكون حكاية للمدروس أو استئنافاً وتخير الشيء واختاره أخذ خيره.

{ أَمْ لَكُمْ أَيْمَـٰنٌ عَلَيْنَا } عهود مؤكدة بالإِيمان. { بَـٰلِغَةٌ } متناهية في التوكيد، وقرئت بالنصب على الحال والعامل فيها أحد الظرفين. { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } متعلق بالمقدر في { لَكُمْ } أي ثابتة لكم علينا إلى يوم القيامة لا نخرج عن عهدتها حتى نحكمكم في ذلك اليوم، أو بـ { بَـٰلِغَةٌ } أي أيمان تبلغ ذلك اليوم. { إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ } جواب القسم لأن معنى أم لكم أيمان علينا أم أقسمنا لكم.