التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ
٣٣
وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣٤
فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ
٣٥
وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ
٣٦
لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ
٣٧
فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ
٣٨
وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ
٣٩
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
٤٠
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ
٤١
وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٤٢
تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٤٣
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ
٤٤
لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ
٤٥
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ
٤٦
فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ
٤٧
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ
٤٨
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ
٤٩
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٥٠
وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ
٥١
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٥٢
-الحاقة

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ } تعليل على طريقة الاستئناف للمبالغة، وذكر { ٱلْعَظِيمِ } للإشعار بأنه هو المستحق للعظمة فمن تعظم فيها استوجب ذلك.

{ وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } ولا يحث على بذل طعامه أو على إطعامه فضلاً عن أن يبذل من ماله، ويجوز أن يكون ذكر الحض للإِشعار بأن تارك الحض بهذه المنزلة فكيف بتارك الفعل. وفيه دليل على تكليف الكفار بالفروع، ولعل تخصيص الأمرين بالذكر لأن أقبح العقائد الكفر بالله تعالى وأشنع الرذائل البخل وقسوة القلب.

{ فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَـٰهُنَا حَمِيمٌ } قريب يحميه.

{ وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } غسالة أهل النار وصديدهم فعلين من الغسل.

{ لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَـٰطِئُونَ } أصحاب الخطايا من خطىء الرجل إذا تعمد الذنب لا من الخطأ المضاد للصواب، وقرىء «الخاطيون» بقلب الهمزة ياء و «الخاطون» بطرحها.

{ فَلاَ أُقْسِمُ } لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق بالقسم، أو فـ { أُقْسِمُ } و { لا } مزيدة أو فلا رد لإنكارهم البعث و { أُقْسِمُ } مستأنف. { بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } بالمشاهدات والمغيبات وذلك يتناول الخالق والمخلوقات بأسرها.

{ إِنَّهُ } إن القرآن. { لَقَوْلُ رَسُولٍ } يبلغه عن الله تعالى فإن الرسول لا يقول عن نفسه. { كَرِيمٌ } على الله تعالى وهو محمد أو جبريل عليهما الصلاة والسلام.

{ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ } كما تزعمون تارة. { قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } تصدقون لما ظهر لكم صدقه تصديقاً قليلاً لفرط عنادكم.

{ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ } كما تدعون أخرى. { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } تذكرون تذكراً قليلاً، فلذلك يلتبس الأمر عليكم وذكر الإِيمان مع نفي الشاعرية وللتذكر مع نفي الكاهنية، لأن عدم مشابهة القرآن للشعر أمر بين لا ينكره إلا معاند بخلاف مباينته للكهانة، فإنها تتوقف على تذكر أحوال الرسول ومعاني القرآن المنافية لطريقة الكهنة ومعاني أقوالهم. وقرأ ابن كثير ويعقوب بالياء فيهما.

{ تَنزِيلٌ } هو تنزيل. { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } نزله على لسان جبريل عليه السلام.

{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } سمي الافتراء تقولاً لأنه قول متكلف والأقوال المفتراة أقاويل تحقيراً لها كأنه جمع أفعولة من القول كالأضاحيك.

{ لأخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } بيمينه.

{ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } أي نياط قلبه بضرب عنقه، وهو تصوير لإِهلاكه بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه، وهو أن يأخذ المقتول بيمينه ويكفحه بالسيف ويضرب به جيده، وقيل اليمين بمعنى القوة.

{ فَمَا مِنكُم مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ } عن القتل أو المقتول. { حَـٰجِزِينَ } دافعين وصف لأحد فإنه عام والخطاب للناس. { وَإِنَّهُ } وإن القرآن. { لَتَذْكِرَةٌ لّلْمُتَّقِينَ } لأنهم المنتفعون به.

{ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذّبِينَ } فنجازيهم على تكذيبهم.

{ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } إذا رأوا ثواب المؤمنين به.

{ وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } لليقين الذي لا ريب فيه.

{ فَسَبّحْ بِٱسْمِ رَبّكَ ٱلْعَظِيمِ } فسبح الله بذكر اسمه العظيم تنزيهاً له عن الرضا بالتقول عليه وشكراً على ما أوحى إليك.

عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الحاقة حاسبه الله تعالى حساباً يسيراً" .