التفاسير

< >
عرض

مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً
١٣
وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً
١٤
أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً
١٥
وَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ ٱلشَّمْسَ سِرَاجاً
١٦
وَٱللَّهُ أَنبَتَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً
١٧
ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً
١٨
وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ بِسَاطاً
١٩
لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً
٢٠
-نوح

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } لا تأملون له توقيراً أي تعظيماً لمن عبده وأطاعه فتكونوا على حال تأملون فيها تعظيمها إياكم، و { لِلَّهِ } بيان للموقر ولو تأخر لكان صلة لـ { وَقَاراً }، أو لا تَعتقدون له عظمة فتخافوا عصيانه، وإنما عبر عن الاعتقاد بالرجاء التابع لأدنى الظن مبالغة.

{ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } حال مقررة للإنكار من حيث إنها موجبة للرجاء فإنه خلقهم { أَطْوَاراً } أي تارات، إذ خلقهم أولاً عناصر، ثم مركبات تغذي الإِنسان، ثم أخلاطاً، ثم نطفاً، ثم علقاً، ثم مضغاً، ثم عظاماً ولحوماً، ثم أنشأهم خلقاً آخر، فإنه يدل على أنه يمكن أن يعيدهم تارة أخرى فيعظمهم بالثواب وعلى أنه تعالى عظيم القدرة تام الحكمة، ثم أتبع ذلك ما يؤيده من آيات الآفاق فقال:

{ أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ طِبَاقاً وَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً } أي في السمٰوات وهو في السماء الدنيا وإنما نسب إليهن لما بينهن من الملابسة. { وَجَعَلَ ٱلشَّمْسَ سِرَاجاً } مثلها به لأنها تزيل ظلمة الليل عن وجه الأرض كما يزيلها السراج عما حوله.

{ وَٱللَّهُ أَنبَتَكُمْ مّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } أنشأكم منها فاستعير الإِنبات للإنشاء لأنه أدل على الحدوث والتكون من الأرض، وأصله { أَنبَتَكُمْ مّنَ ٱلأَرْضِ } إنباتاً فنبتم نباتاً، فاختصره اكتفاء بالدلالة الالتزامية.

{ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا } مقبورين. { وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } بالحشر، وأكده بالمصدر كما أكد به الأول دلالة على أن الإعادة محققة كالابداء، وأنها تكون لا محالة.

{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ بِسَاطاً }. تتقلبون عليها.

{ لّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً } واسعة جمع فج ومن لتضمن الفعل معنى الاتخاذ.