التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١
قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢
أَنِ ٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ
٣
يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٤
قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً
٥
فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً
٦
وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً
٧
ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً
٨
ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً
٩
-نوح

انوار التنزيل واسرار التأويل

مكية وآيها تسع أو ثمان وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ } أي بأن أي بالإِنذار، أو بأن قلنا له { أُنذِرَ }، ويجوز أن تكون مفسرة لتضمن الإِرسال معنى القول، وقرىء بغير { أن } على إرادة القول. { قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } عذاب الآخرة أو الطوفان.

{ قَالَ يَـا قَوْم إِنَّى لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ } مر في «الشعراء» نظيره وفي { أن } يحتمل الوجهان.

{ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ } يغفر لكم بعض ذنوبكم وهو ما سبق فإن الإِسلام يجبه فلا يؤاخذكم به في الآخرة { وَيُؤَخّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } هو أقصى ما قُدِّر لكم بشرط الإِيمان والطاعة. { إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ } إن الأجل الذي قدره. { إِذَا جَاء } على الوجه المقدر به آجلاً وقيل إذا جاء الأجل الأطول. { لاَ يُؤَخَّرُ } فبادروا في أوقات الإمهال والتأخير. { لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } لو كنتم من أهل العلم والنظر لعلمتم ذلك، وفيه أنهم لانهماكهم في حب الحياة كأنهم شاكون في الموت.

{ قَالَ رَبّ إِنّى دَعَوْتُ قَوْمِى لَيْلاً وَنَهَاراً } أي دائماً.

{ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِى إِلاَّ فِرَاراً } عن الإِيمان والطاعة، وإسناد الزيادة إلى الدعاء على السببية كقوله: { { فَزَادَتْهُمْ إِيمَـٰناً }

[التوبة: 124] { وَإِنّى كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ } إلى الإِيمان. { لِتَغْفِرَ لَهُمْ } بسببه. { جَعَلُواْ أَصَـٰبِعَهُمْ فِى ءَاذٰنِهِمْ } سدوا مسامعهم عن استماع الدعوة. { وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ } تغطوا بها لئلا يروني كراهة النظر إلي من فرط كراهة دعوتي أو لئلا أعرفهم فأدعوهم، والتعبير بصيغة الطلب للمبالغة. { وَأَصَرُّواْ } وأكبوا على الكفر والمعاصي مستعار من أصر الحمار على العانة إذا صر أذنيه وأقبل عليها. { وَٱسْتَكْبَرُواْ } عن اتباعي. { ٱسْتِكْبَاراً } عظيماً.

{ ثُمَّ إِنّى دَعَوْتُهُمْ جِهَـٰراً ثُمَّ إِنّى أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً } أي دعوتهم مرة بعد أخرى وكرة بعد أولى على أي وجه أمكنني، و { ثُمَّ } لتفاوت الوجوه فإن الجهار أغلظ من الإِسرار والجمع بينهما أغلظ من الإِفراد لتراخي بعضها عن بعض، و { جِهَـٰراً } نصب على المصدر لأنه أحد نوعي الدعاء، أو صفة مصدر محذوف بمعنى دعاء { جِهَـٰراً } أي مجاهراً به أو الحال فيكون بمعنى مجاهراً.