التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً
٢٢
إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً
٢٣
حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً
٢٤
قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً
٢٥
عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً
٢٦
إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً
٢٧
لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً
٢٨
-الجن

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ } إن أراد بي سوءاً. { وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } منحرفاً أو ملتجأ وأصله المدخل من اللحد.

{ إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ } استثناء من قوله لا أملك فإن التبليغ إرشاد وإنفاع وما بينهما اعتراض مؤكد لنفي الاستطاعة، أو من ملتحداً أو معناه أن لا أبلغ بلاغاً وما قبله دليل الجواب. { وَرِسَـٰلَـٰتِهِ } عطف على { بَلاَغاً } و { مِنَ ٱللَّهِ } صفته فإن صلته عن كقوله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية" { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } في الأمر بالتوحيد إذ الكلام فيه. { فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ } وقرىء { فَانٍ } على فجزاؤه أن. { خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً } جمعه للمعنى.

{ حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } في الدنيا كوقعة بدر، أو في الآخرة والغاية لقوله: { يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } بالمعنى الثاني، أو لمحذوف دل عليه الحال من استضعاف الكفار وعصيانهم له. { فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } هو أم هم.

{ قُلْ إِنْ أَدْرِى } ما أدري. { أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبّى أَمَداً } غاية تطول مدتها كأنه لما سمع المشركون { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } قالوا متى يكون إنكاراً، فقيل قل إنه كائن لا محالة ولكن لا أدري ما وقته.

{ عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ } هو عالم الغيب. { فَلاَ يُظْهِرُ } فلا يطلع. { عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } أي على الغيب المخصوص به علمه.

{ إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ } لعلم بعضه حتى يكون له معجزة. { مِن رَّسُولٍ } بيان لـ { مِنْ }، واستدل به على إبطال الكرامات، وجوابه تخصيص الرسول بالملك والإظهار بما يكون بغير وسط، وكرامات الأولياء على المغيبات إنما تكون تلقياً عن الملائكة كاطلاعنا على أحوال الآخرة بتوسط الأنبياء. { فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ } من بين يدي المرتضى { وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } حرساً من الملائكة يحرسونه من اختطاف الشياطين وتخاليطهم.

{ لّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ } أي ليعلم النبي الموحى إليه أن قد أبلغ جبريل والملائكة النازلون بالوحي، أو ليعلم الله تعالى أن قد أبلغ الأنبياء بمعنى ليتعلق علمه به موجوداً. { رِسَـٰلَـٰتِ رَبّهِمْ } كما هي محروسة من التغيير. { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } بما عند الرسل. { وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَىْءٍ عَدَداً } حتى القطر والرمل.

عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة الجن كان له بعدد كل جني صدق محمداً أو كذب به عتق رقبة" .