التفاسير

< >
عرض

وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ
٩
يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ
١٠
كَلاَّ لاَ وَزَرَ
١١
إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ
١٢
يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ
١٣
بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
١٤
وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ
١٥
لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
١٦
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
١٧
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ
١٨
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ
١٩
كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ
٢٠
-القيامة

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ بَلَىٰ } نجمعها. { قَـٰدِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوّىَ بَنَانَهُ } بجمع سلامياته وضم بعضها إلى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام، أو { عَلَىٰ أَن نُّسَوّىَ بَنَانَهُ } الذي هو أطرافه فكيف بغيرها، وهو حال من فاعل الفعل المقدر بعد { بَلَىٰ }، وقرىء بالرفع أي نحن قادرون.

{ بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَـٰنُ } عطف على { أَيَحْسَبُ } فيجوز أن يكون استفهاماً وأن يكون إيجاباً لجواز أن يكون الإِضراب عن المستفهم وعن الاستفهام. { لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } ليدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان.

{ يَسْـئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } متى يكون يوم القيامة استبعاداً له أو استهزاء.

{ فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } تحير فزعاً من برق فدهش بصره، وقرأ نافع بالفتح وهو لغة، أو من البريق بمعنى لمع من شدة شخوصه، وقرىء «بلق» من بلق الباب إذا انفتح.

{ وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } ذهب ضوؤه وقرىء على البناء للمفعول.

{ وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } في ذهاب الضوء أو الطلوع من المغرب، ولا ينافيه الخسوف فإنه مستعار للمحاق، ولمن حمل ذلك أمارات الموت أن يفسر الخسوف بذهاب ضوء البصر والجمع باستتباع الروح الحاسة في الذهاب، أو بوصوله إلى من كان يقتبس منه نور العقل من سكان القدس، وتذكير الفعل لتقدمه وتغليب المعطوف.

{ يَقُولُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } أي الفرار يقوله قول الآيس من وجدانه المتمني، وقرىء بالكسر وهو المكان.

{ كَلاَّ } ردع عن طلب المفر. { لاَ وَزَرَ } لا ملجأ مستعار من الحبل واشتقاقه من الوزر وهو الثقل.

{ إِلَىٰ رَبّكَ يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ } إليه وحده استقرار العباد، أو إلى حكمه استقرار أمرهم، أو إلى مشيئته موضع قرارهم يدخل من يشاء الجنة ومن يشاء النار.

{ يُنَبَّأُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } بما قدم من عمل عمله وبما أخر منه لم يعمله، أو بما قدم من عمل عمله وبما أخر من سنة حسنة أو سيئة عمل بها بعده، أو بما قدم من مال تصدق به وبما أخر فخلفه، أو بأول عمله وآخره.

{ بَلِ ٱلإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } حجة بينة على أعمالها لأنه شاهد بها، وصفها بالبصارة على المجاز، أو عين بصيرة فلا يحتاج إلى الإِنباء.

{ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } ولو جاء بكل ما يمكن أن يعتذر به جمع معذار وهو العذر، أو جمع معذرة على غير قياس كالمناكير في المنكر فإن قياسه معاذر وذلك أولى وفيه نظر.

{ لاَ تُحَرّكْ } يا محمد، { بِهِ } بالقرآن. { لِسَانَكَ } قبل أن يتم وحيه. { لِتَعْجَلَ بِهِ } لتأخذه على عجلة مخافة أن ينفلت منك.

{ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ } في صدرك. { وَقُرْءانَهُ } وإثبات قراءته في لسانك وهو تعليل للنهي.

{ فَإِذَا قَرَأْنَـٰهُ } بلسان جبريل عليك. { فَٱتَّبِعْ قُرْءانَهُ } قراءته وتكرر فيه حتى يرسخ في ذهنك.

{ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } بيان ما أشكل عليك من معانيه، وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وهو اعتراض بما يؤكد التوبيخ على حب العجلة لأن العجلة إذا كانت مذمومة فيما هو أهم الأمور وأصل الدين فكيف بها في غيره، أو بذكر ما اتفق في أثناء نزول هذه الآيات. وقيل الخطاب مع الإِنسان المذكور والمعنى أنه يؤتى كتابه فيتلجلج لسانه من سرعة قراءته خوفاً، فيقال له لا تحرك به لسانك لتعجل به فإن علينا بمقتضى الوعد جمع ما فيه من أعمالك وقراءته، فإذا قرأناه فاتبع قراءته بالإقرار أو التأمل فيه، ثم إن علينا بيان أمره بالجزاء عليه.

{ كَلاَّ } ردع للرسول عن عادة العجلة أو للإِنسان عن الاغترار بالعاجل. { بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ }.