التفاسير

< >
عرض

وَٱلْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً
١
فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً
٢
وٱلنَّاشِرَاتِ نَشْراً
٣
فَٱلْفَارِقَاتِ فَرْقاً
٤
فَٱلْمُلْقِيَٰتِ ذِكْراً
٥
عُذْراً أَوْ نُذْراً
٦
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ
٧
فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ
٨
وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ
٩
وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ
١٠
وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ
١١
لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ
١٢
لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ
١٣
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ
١٤
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٥
أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ
١٦
-المرسلات

انوار التنزيل واسرار التأويل

مكية وآيها خمسون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَٱلْمُرْسَلَـٰتِ عُرْفاً فَٱلْعَـٰصِفَـٰتِ عَصْفاً وٱلنَّـٰشِرٰتِ نَشْراً فَٱلْفَـٰرِقَـٰتِ فَرْقاً فَٱلْمُلْقِيَـٰتِ ذِكْراً } إقسام بطوائف من الملائكة أرسلهن الله تعالى بأوامره متتابعة. فعصفن عصف الرياح في امتثال أمره، ونشرن الشرائع في الأرض، أو نشرن النفوس الموتى بالجهل بما أوحين من العلم، ففرقن بين الحق والباطل، فألقين إلى الأنبياء ذكراً عذراً للمحقين ونذراً للمبطلين، أو بآيات القرآن المرسلة بكل عرف إلى محمد عليه الصلاة والسلام، فعصفن سائر الكتب والأديان بالنسخ ونشرن آثار الهدى والحكم في الشرق والغرب، وفرقن بين الحق والباطل فألقين ذكر الحق فيما بين العالمين. أو بالنفوس الكاملة المرسلة إلى الأبدان لاستكمالها فعصفن ما سوى الحق ونشرن أثر ذلك في جميع الأعضاء، ففرقن بين الحق بذاته والباطل في نفسه فيرون كل شيء هالكاً إلا وجهه، فألقين ذكراً بحيث لا يكون في القلوب والألسنة إلا ذكر الله تعالى. أو برياح عذاب أرسلن فعصفن، ورياح رحمة نشرن السحاب في الجو، ففرقن فألقين ذكراً أي تسببن له، فإن العاقل إذا شاهد هبوبها وآثارها ذكر الله تعالى وتذكر كمال قدرته، وعرفاً إما نقيض النكر وانتصابه على العلة أي أرسلن للإِحسان والمعروف، أو بمعنى المتتابعة من عرف الفرس وانتصابه على الحال.

{ عُذْراً أَوْ نُذْراً } مصدران لعذر إذا محا الإِساءة وأنذر إذا خوف، أو جمعان لعذير بمعنى المعذرة ونذير بمعنى الإِنذار، أو بمعنى العاذر والمنذر، ونصبهما على الأولين بالعلية أي { عُذْراً } للمحقين { أَوْ نُذْراً } للمبطلين، أو البدل من { ذِكْراً } على أن المراد به الوحي أو ما يعم التوحيد والشرك والإِيمان والكفر وعلى الثالث بالحالية، وقرأهما أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص بالتخفيف.

{ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوٰقِعٌ } جواب القسم ومعناه أن الذي توعدونه من مجيء القيامة كائن لا محالة.

{ فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } محقت أو أذهب نورها.

{ وَإِذَا ٱلسَّمَاء فُرِجَتْ } صدعت.

{ وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } كالحب ينسف بالمنسف.

{ وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقّتَتْ } عين لها وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على الأمم بحصوله، فإنه لا يتعين لهم قبله، أو بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره، وقرأ أبو عمرو «وقتت» على الأصل.

{ لأَيّ يَوْمٍ أُجّلَتْ } أي يقال لأي يوم أخرت، وضرب الأجل للجمع وهو تعظيم لليوم وتعجيب من هوله، ويجوز أن يكون ثاني مفعولي { أُقّتَتْ } على أنه بمعنى أعلمت.

{ لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } بيان ليوم التأجيل.

{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } ومن أين تعلم كنهه ولم تر مثله.

{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } أي بذلك، و { وَيْلٌ } في الأصل مصدر منصوب بإضمار فعله عدل به إلى الرفع للدلالة على ثبات الهلك للمدعو عليه، و { يَوْمَئِذٍ } ظرفه أو صفته.

{ أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ } كقوم نوح وعاد وثمود، وقرىء «نُهْلِكِ » من هلكه بمعنى أهلكه.