التفاسير

< >
عرض

فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ
١٠
كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ
١١
فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ
١٢
فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ
١٣
مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ
١٤
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ
١٥
كِرَامٍ بَرَرَةٍ
١٦
قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ
١٧
مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ
١٨
مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ
١٩
ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ
٢٠
ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ
٢١
ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ
٢٢
كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ
٢٣
فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ
٢٤
أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً
٢٥
-عبس

انوار التنزيل واسرار التأويل

{ فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ } تتشاغل، يقال لها عنه والتهى و { تَلَهَّىٰ }، ولعل ذكر التصدق والتلهي للإِشعار بأن العتاب على اهتمام قلبه بالغني وتلهيه عن الفقير، ومثله لا ينبغي له ذلك.

{ كَلاَّ } ردع عن المعاتب عليه أو عن معاودة مثله. { إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ }.

{ فَمَن شَاء ذَكَرَهُ } حفظه أو اتعظ به والضميران للقرآن، أو العتاب المذكور وتأنيث الأول لتأنيث خبره.

{ فَى صُحُفٍ } مثبتة فيها صفة لتذكرة، أو خبر ثان أو خبر لمحذوف. { مُّكَرَّمَةٍ } عند الله.

{ مَّرْفُوعَةٍ } القدر. { مُّطَهَّرَةٍ } منزهة عن أيدي الشياطين:

{ بِأَيْدِى سَفَرَةٍ } كتبة من الملائكة أو الأنبياء ينتسخون الكتب من اللوح أو الوحي، أو سفراء يسفرون بالوحي بين الله تعالى ورسله، أو الأمة جمع سافر من السفر، أو السفارة والتركيب للكشف يقال سفرت المرأة إذا كشفت وجهها.

{ كِرَامٍ } أعزاء على الله أو متعطفين على المؤمنين يكلمونهم ويستغفرون لهم. { بَرَرَةٍ } أتقياء.

{ قُتِلَ ٱلإِنسَـٰنُ مَا أَكْفَرَهُ } دعاه عليه بأشنع الدعوات وتعجب من إفراطه في الكفران، وهو مع قصره يدل على سخط عظيم وذم بليغ.

{ مِنْ أَىّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } بيان لما أنعم عليه خصوصاً من مبدأ حدوثه، والاستفهام للتحقير ولذلك أجاب عنه بقوله:

{ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } فهيأه لما يصلح له من الأعضاء والأشكال، أو { فَقَدَّرَهُ } أطواراً إلى أن تم خلقته.

{ ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } ثم سهل مخرجه من بطن أمه بأن فتح فوهة الرحم وألهمه أن ينتكس، أو ذلل له سبيل الخير والشر ونصب السبيل بفعل يفسره الظاهر للمبالغة في التيسير، وتعريفه باللام دون الإِضافة للإِشعار بأنه سبيل عام، وفيه على المعنى الأخير إيماء بأن الدنيا طريق والمقصد غيرها ولذلك عقبه بقوله:

{ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ } وعد الإِماتة والإِقبار في النعم لأن الإِماتة وصلة في الجملة إلى الحياة الأبدية واللذات الخالصة والأمر بالقبر تكرمة وصيانة عن السباع، وفي { إِذَا شَاء } إشعار بأن وقت النشور غير متعين في نفسه، وإنما هو موكول إلى مشيئته تعالى.

{ كَلاَّ } ردع للإِنسان بما هو عليه. { لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ } لم يقض بعد من لدن آدم إلى هذه الغاية ما أمره الله بأمره، إذ لا يخلو أحد من تقصير ما.

{ فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } إتباع للنعم الذاتية بالنعم الخارجية.

{ أَنَاْ صَبَبْنَا ٱلْمَاء صَبّاً } استئناف مبين لكيفية إحداث الطعام، وقرأ الكوفيون بالفتح على البدل منه بدل الاشتمال.