التفاسير

< >
عرض

عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ
١
أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ
٢
وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ
٣
أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ
٤
أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ
٥
فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ
٦
وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ
٧
وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ
٨
وَهُوَ يَخْشَىٰ
٩
-عبس

انوار التنزيل واسرار التأويل

مكية وآيها ثنتان وأربعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ }. { أَن جَاءهُ ٱلأَعْمَىٰ } روي: " أن ابن أم مكتوم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده صناديد قريش يدعوهم إلى الإِسلام، فقال: يا رسول الله علمني مما علمك الله، وكرر ذلك ولم يعلم تشاغله بالقوم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه فنزلت، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمه ويقول إذا رآه: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، واستخلفه على المدينة مرتين" . وقرىء «عَبَّسَ» بالتشديد للمبالغة و { أَن جَاءهُ } علة لـ { تَوَلَّىٰ }، أو { عَبَسَ } على اختلاف المذهبين، وقرىء «آأن» بهمزتين وبألف بينهما بمعنى ألئن جاءه الأعمى فعل ذلك، وذكر الأعمى للإِشعار بعذره في الإِقدام على قطع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقوم والدلالة على أنه أحق بالرأفة والرفق، أو لزيادة الإِنكار كأنه قال: تولى لكونه أعمى كالالتفات في قوله:

{ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } أي: وأي شيء يجعلك دارياً بحاله لعله يتطهر من الآثام بما يتلقف منك. وفيه إيماء بأن إعراضه كان لتزكية غيره.

{ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذّكْرَىٰ } أو يتعظ فتنفعه موعظتك، وقيل الضمير في { لَعَلَّهُ } للكافر أي أنك طمعت في تزكيه بالإِسلام وتذكره بالموعظة ولذلك أعرضت عن غيره، فما يدريك أن ما طمعت فيه كائن، وقرأ عاصم فتنفعه بالنصب جواباً للعل.

{ أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } تتعرض له بالإِقبال عليه وأصله تتصدى، وقرأ ابن كثير ونافع «تَصَدَّىٰ» بالإِدغام وقرىء. «تَصَدىٰ» أي تعرض وتدعى إلى التصدي.

{ وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ } وليس عليك بأس في أن لا يتزكى بالإسلام حتى يبعثك الحرص على إسلامه إلى الإعراض عمن أسلم { { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ }

[الشورى: 48] { وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ } يسرع طالباً للخير.

{ وَهُوَ يَخْشَىٰ } الله أو أذية الكفار في إتيانك، أو كبوة الطريق لأنه أعمى لا قائد له.