التفاسير

< >
عرض

وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ
١
ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
٢
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
٣
أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ
٤
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ
٥
يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٦
كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ
٧
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ
٨
كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
٩
-المطففين

انوار التنزيل واسرار التأويل

مختلف فيها وآيها ست وثلاثون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ } التطفيف البخس في الكيل والوزن لأن ما يبخس طفيف أي حقير. روي أن أهل المدينة كانوا أخبث الناس كيلاً فنزلت فأحسنوه، وفي الحديث "خمس بخمس ما نقض العهد قوم إلا سلط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر"

{ ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } أي إذا اكتالوا من الناس حقوقهم يأخذونها وافية، وإنما أبدل { عَلَىٰ } بمن للدلالة على أن اكتيالهم لما لهم على الناس، أو اكتيال يتحامل فيه عليهم.

{ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ } أي إذا كالوا الناس أو وزنوا لهم. { يُخْسِرُونَ } فحذف الجار وأوصل الفعل كقوله:

وَلَقَد جَنَيْتُكَ أَكمؤاً وَعَسَاقلا

بمعنى جنيت لك أو كالوا مكيلهم فحذف المضاف وأقيم المضاف مقامه، ولا يحسن جعل المنفصل تأكيداً للمتصل فإنه يخرج الكلام عن مقابلة ما قبله إذ المقصود بيان اختلاف حالهم في الأخذ والدفع، لا في المباشرة وعدمها ويستدعي إثبات الألف بعد الواو كما هو خط المصحف في نظائره.

{ أَلا يَظُنُّ أُوْلَـئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ } فإن من ظن ذلك لم يتجاسر على أمثال هذه القبائح، فكيف بمن تيقنه وفيه انكار وتعجيب من حالهم.

{ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } عظمه لعظم ما يكون فيه { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ } نصب بمبعوثون أو بدل من الجار والمجرور ويؤيده القراءة بالجر { لِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } لحكمه.

وفي هذا الانكار والتعجيب وذكر الظن ووصف اليوم بالعظم، وقيام الناس فيه لله، والتعبير عنه برب العالمين مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه.

{ كَلاَّ } ردع عن التطفيف والغفلة عن البعث والحساب. { إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلْفُجَّارِ } ما يكتب من أعمالهم أو كتابة أعمالهم. { لَفِى سِجّينٍ } كتاب جامع لأعمال الفجرة من الثقلين كما قال:

{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجّينٌ كِتَـٰبٌ مَّرْقُومٌ } أي مسطور بين الكتابة أو معلم بعلم من رآه أنه لا خير فيه، فعيل من السجن لقب به الكتاب لأنه سبب الحبس، أو لأنه مطروح كما قيل: تحت الأرضين في مكان وحش، وقيل هو اسم مكان والتقدير ما كتاب السجين، أو محل كتاب مرقوم فحذف المضاف.