التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ
١
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ
٢
ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ
٣
إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ
٤
فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ
٥
خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ
٦
يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ
٧
إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ
٨
يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ
٩
-الطارق

انوار التنزيل واسرار التأويل

مكية وآيها سبع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَٱلسَّمَاءِ وَٱلطَّارِقِ } والكوكب البادي بالليل وهو في الأصل لسالك الطريق، واختص عرفاً بالآتي ليلاً ثم استعمل للبادي فيه.

{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ ٱلطَّارِقُ ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } المضيء كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه، أو الأفلاك والمراد الجنس أو معهود بالثقب وهو زحل، عبر عنه أولاً بوصف عام ثم فسره بما يخصه تفخيماً لشأنه.

{ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا } أي إن الشان كل نفس لعليها. { حَافِظٌ } رقيب فإن هي المخففة واللام الفاصلة وما مزيدة. وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة لما على أنها بمعنى الأوان نافية، والجملة على الوجهين جواب القسم.

{ فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ مِمَّ خُلِقَ } لما ذكر أن كل نفس عليها حافظ اتبعه توصية الإنسان بالنظر في مبدئه ليعلم صحة إعادته فلا يملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبته.

{ خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ } جواب الاستفهام و { مَاء } بمعنى ذي دفق، وهو صعب فيه دفع والمراد الممتزج من الماءين في الرحم لقوله:

{ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَائِبِ } من بين صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام صدرها، ولو صح أن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء، ومقرها عروق ملتف بعضها بالبعض عند البيضتين، فلا شك أن الدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها، ولذلك تشبهه، ويسرع الإِفراط في الجماع بالضعف فيه وله خليفة وهو النخاع! وهو في الصلب وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب، وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصّا بالذكر. وقرىء «ٱلصُّلْبِ» بفتحتين و « ٱلصُّلْبُ» بضمتين وفيه لغة رابعة وهي «صالب».

{ إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } والضمير للخالق ويدل عليه { خُلِقَ }.

{ يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَائِرُ } تتعرف ويميز بين ما طاب من الضمائر وما خفي من الأعمال وما خبث منها، وهو ظرف لـ { رَجْعِهِ }.